للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

: قال الشافعي: وَمَعْنَى قَوْلِهِ " لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمَعٍ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ " لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ خُلَطَاءَ فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ شَاةٍ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ شَاةٌ، لِأَنَّهَا إِذَا فُرِّقَتْ كَانَ عَلَيْهِمْ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، رَجُلٌ لَهُ مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ، وَرَجُلٌ لَهُ مائة شاة، فإذا تركتا متفرقتين ففيها شاتان وإذا جمعا ففيها ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَالْخَشْيَةُ خَشْيَةُ السَّاعِي، أَنْ تَقِلَّ الصَّدَقَةُ وَخَشْيَةُ رَبِّ الْمَالِ أَنْ تَكْثُرَ الصَّدَقَةُ، فأمر أن يقر كل على حاله، ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ خَشْيَتَيْنِ: خَشْيَةُ قِلَّةِ الصَّدَقَةِ فِي تَفْرِيقِ مَا كَانَ مُجْتَمِعًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ، وَهِيَ عَائِدَةٌ إِلَى السَّاعِي دُونَ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ، وَخَشْيَةُ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ فِي مائتي شاة وشاة مجتمعة بين خليطين يجب فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَإِنْ فُرِّقَتْ وَجَبَ فِيهَا شاتان لفا يَنْبَغِي لَهُمَا أَنْ يُفَرِّقَاهَا خَشْيَةَ أَنْ تَكْثُرَ الصَّدَقَةُ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَرَّ كُلُّ مَالٍ على حاله في الجمع والتفريق.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا شَاةٌ وَعِدَّتُهُمَا سَوَاءٌ فَظَلَمَ الساعي وأخذ مِنْ غَنَمِ أَحَدِهِمَا عَنْ غَنَمِهِ وَغَنَمِ الْآخَرِ شَاةَ رُبًى فَأَرَادَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الشَّاةَ الرُّجُوعَ على خليطه بنصف قيمة ما أخذ عن غنمهما لم يكن له أن يرجع عليه إلا بقيمة نصف ما وجب عليه إن كانت جذعة أو ثنية لأن الزيادة ظلم (قال) ولو كانت ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَجُمْلَةُ الْخُلْطَةِ ضَرْبَانِ: خُلْطَةُ أَوْصَافٍ، وَخُلْطَةُ أَعْيَانٍ، فَأَمَّا خُلْطَةُ الْأَوْصَافِ مع تعيين الْمَالَيْنِ فَالْكَلَامُ فِيهَا فِي فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ.

وَالثَّانِي: فِي كَيْفِيَّةِ التَّرَاجُعِ، فَأَمَّا كَيْفِيَّةُ أَخْذِ السَّاعِي الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِمَا فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمَالِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُمْكِنَ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنَ الْمَالَيْنِ، أَوْ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهَا إِلَّا مِنْ أَحَدِ الْمَالَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهَا إِلَّا مِنْ أَحَدِ الْمَالِينَ، كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ شَاةً بَيْنَ خَلِيطَيْنِ، فَلِلسَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ الشَّاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِمَا مِنْ أَيِّ الْمَالَيْنِ شَاءَ، لِأَنَّ أَخْذَهَا مِنَ الْمَالَيْنِ مُتَعَذِّرٌ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنَ الْمَالَيْنِ، كَمِائَتَيْنِ بَيْنَ خَلِيطَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةٌ فَعَلَيْهِمَا شَاتَانِ، يَلْزَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ، أَوْ يكون بينهما أربعمائة يكون لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَتَانِ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاتَانِ، فَفِيهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: أَنَّ عَلَى السَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ زَكَاةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ حِصَّتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ زَكَاةَ جَمِيعِهَا مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى خَلِيطِهِ، لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>