يَعْرِفُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَيْمَانِهِمْ كَقَوْلِهِمْ: أَهَيَا اشَرَاهَيَا وَلَا بِالْعَشْرِ كَلِمَاتٍ الَّتِي يَدْعُونَهَا، وَلَا يَعْرِفُهَا الْمُسْلِمُونَ، وَلَا بِاللِّسَانِ الْعِبْرَانِيِّ إِذَا تَكَلَّمُوا بِغَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا إِلَّا بِهِ، وَلَمْ يَعْرِفُوا غَيْرَهُ أَحْلَفَهُمْ بِهِ إِذَا كَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْرِفُهُ.
(فَصْلٌ)
: وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ نَصْرَانِيًّا أَحْلَفَهُ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى.
وَإِنْ رَأَى أَنْ يَزِيدَ عَلَى هَذَا، فَيَقُولَ: الذي أبرأ له الأكمة والأبرص، وأحي لَهُ الْمَوْتَى بِإِذْنِهِ فَعَلَ، فَإِنْ تَغَلَّظَتْ يَمِينُهُ بِالْمَكَانِ، وَالزَّمَانِ كَانَ مَكَانُ تَغْلِيظِهَا بِيَعَ النَّصَارَى، لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَهَا أَشْرَفَ بِقَاعِهِمْ، وَكَانَ زَمَانُ تَغْلِيظِهَا فِي وَقْتِ أَشْرَفِ صَلَوَاتِهِمْ عِنْدَهُمْ.
: فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ مَجُوسِيًّا، أَحْلَفَهُ بِاللَّهِ الَّذِي خَلَقَنِي وَرَزَقَنِي.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا: هَلْ يُحْلِفُهُ بِاللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّارَ، وَالنُّورَ.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُحْلِفُهُ بِذَلِكَ، لِاخْتِصَاصِهِمْ بِتَعْظِيمِ النَّارِ وَالنُّورِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يُحْلِفُهُمْ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ قِدَمَ النَّارِ وَالنُّورِ. فَأَمَّا تَغْلِيظُ يَمِينِهِ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ فَأَجَلُّ الْأَمْكِنَةِ عِنْدَهُمْ بَيْتُ النَّارِ.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَغْلِيظِ أَيْمَانِهِمْ فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُغَلَّظُ فِيهِ، لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ تَعْظِيمَ النَّارِ دُونَ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ النَّارُ، فَخَالَفُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فِي قَصْدِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ لِصَلَوَاتِهِمْ، وَعِبَادَاتِهِمْ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: ٤٠] .
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا: بَلْ يَحْلِفُونَ فِي بَيْتِ النَّارِ، لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ أَشْرَفَ الْبِقَاعِ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ شَرَّفُوهُ، لِتَعْظِيمِ النَّارِ عِنْدَهُمْ.
وَأَمَّا الزَّمَانُ فَلَيْسَ لَهُمْ صَلَوَاتٌ مُؤَقَّتَاتٌ يَحْلِفُونَ فِيهَا، وَإِنَّمَا لَهُمْ زَمْزَمَةٌ يَرَوْنَهَا قُرْبَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً عِنْدَهُمْ أُحْلِفُوا فِي أَعْظَمِ أَوْقَاتِهَا عِنْدَهُمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مؤقتة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute