أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُدَّعِيًا بَقَاءَ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا بِقَبْضِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ ادِّعَاءِ الْبَيْعِ مُدَّعِيًا بَقَاءَ الثَّمَنِ حُكِمَ عَلَيْهِ لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ عَلَى الْمُشْتَرِي وَمُقِرٌّ لِلشَّفِيعِ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ فَإِنْ رُدَّتْ دَعْوَاهُ فَفِي مَنْعِهِ مِنْ مُحَاكَمَةِ الْمُشْتَرِي وَإِحْلَافِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْسَ لَهُ إِحْلَافُهُ لِأَنَّ قَصْدَهُ حُصُولُ الثَّمَنِ، وَقَدْ حَصَلَ لَهُ. وَسَوَاءٌ حَصَلَ لَهُ مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ شَفِيعٍ، وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ إِنْ أُحْلِفَ أَنْ يُحْكَمَ بِفَسْخِ الْبَيْعِ وَفِيهِ إِبْطَالٌ لِحَقِّ الشَّفِيعِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ إِحْلَافُهُ؛ لِاسْتِحْقَاقِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ بِإِنْكَارِهِ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ الْبُغْيَةِ بِوُصُولِ الْمِلْكِ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَلَا يَبْطُلُ بِيَمِينِهِ حَقُّ الشَّفِيعِ. فَإِذَا قُضِيَ لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ لَزِمَهُ دَفْعُ الثَّمَنِ إِلَى الْبَائِعِ، وَيَكُونُ عُهْدَةُ الشفيع ها هنا عَلَى الْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَلْزَمْهُ الشِّرَاءُ مَعَ إِنْكَارِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ عُهْدَتُهُ.
فَصْلٌ
: وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مَعَ ادِّعَاءِ الْبَيْعِ مُقِرًّا بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنَ الْمُشْتَرِي فَفِي الشُّفْعَةِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ وَطَائِفَةٍ: إِنَّهَا بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تُسْتَحَقُّ إِلَّا بِيَمِينٍ، وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مُسْتَحِقًّا لِقَبْضِ الثَّمَنِ، أَمَّا الْبَائِعُ فَلِإِقْرَارِهِ بِقَبْضِهِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِإِنْكَارِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ. فَعَلَى هَذَا لَا مُخَاصَمَةَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ، وَلِلشَّفِيعِ مُخَاصَمَةُ الْمُشْتَرِي فِي الشُّفْعَةِ، وَإِحْلَافُهُ عَلَى إِنْكَارِ الشِّرَاءِ؛ لِمَا فِي إِنْكَارِهِ مِنْ إِبْطَالِ الشُّفْعَةِ عَلَيْهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا: إِنَّ الشُّفْعَةَ وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُقِرٌّ بِاسْتِحْقَاقِهَا مِنْ يَدِهِ فَيُحْكَمُ بِهَا لِلشَّفِيعِ، وَفِي الثَّمَنِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُوقَفُ فِي ذِمَّةِ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَالْمُشْتَرِي لَا يَدَّعِيهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَضُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يملك الشفعة من غير بدل فعل هَذَا إِذَا قَبَضَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا لِلْمُشْتَرِي فِي بَيْتِ الْمَالِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُدْفَعُ إِلَى الْبَائِعِ وَيُسْتَرْجَعُ مِنَ الْبَائِعِ مَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنَ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ هُوَ الْمَوْقُوفَ لِلْمُشْتَرِي فِي بَيْتِ الْمَالِ.
فَصْلٌ
: وَإِذَا بِيعَ شِقْصٌ مِنْ دَارٍ فَجَاءَ الشَّرِيكُ فِيهَا مُدَّعِيًا مِلْكَ الْمَبِيعِ مِنْهَا وَلَمْ يكن له