وَالثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ سَائِرًا غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ لَكِنْ يَعْرِفُ سَلَامَتَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاتَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ، فَإِذَا وَصَلَ زَكَّاهُ لِمَا مَضَى قَوْلًا وَاحِدًا.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ سَائِرًا غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ وَلَا مَعْرُوفِ السَّلَامَةِ فَهُوَ كَالْمَالِ الضَّالِّ، لَا يُزَكِّيهِ قَبْلَ وُصُولِهِ، فإذا وصل هل يُزَكِّيهِ لِمَا مَضَى أَوْ يَسْتَأْنِفُ حَوْلَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَإِذَا ثَبَتَ هَذَانِ الْفَصْلَانِ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي رَجُلٍ مَعَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ حَاضِرَةٍ، وَيَمْلِكُ مِائَةَ دِرْهَمٍ أُخْرَى دَيْنًا أَوْ غَائِبَةً، فَإِنْ كَانَتْ دَيْنًا وَقَدْ حَالَ الْحَوْلُ فَلَا يَخْلُو حَالُ الدَّيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَجِبُ زَكَاتُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَعَلَيْهِ إِخْرَاجُ زَكَاتِهِ وَزَكَاةِ الْمِائَةِ الْحَاضِرَةِ جَمِيعًا.
وَالْقِسْمُ الثاني: أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِمَّا تَجِبُ زَكَاتُهُ بَعْدَ قبضه، فإنه ينتظر بالمائة الحاضرة فيصير دَيْنِهِ، فَإِنْ قَبَضَهُ زَكَّاهَا مَعَ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَكَذَا الجواب في الغائبة سَوَاءٌ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " وَمَا زَادَ وَلَوْ قِيرَاطًا فَبِحِسَابِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ الْوَقْصُ فِي الْوَرِقِ مُعْتَبَرٌ في ابتدائه غير معتبر في انتهائه فَمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ بِحِسَابِهِ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.
وَقَالَ أبو حنيفة: لَا شَيْءَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَيَجِبُ فِيهَا دِرْهَمٌ، وَلَا شَيْءَ فِيمَا دُونَ الْأَرْبَعِينَ، وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ وَوَافَقَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ تَعَلُّقًا بِرِوَايَةِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: هَاتُوا رُبُعَ الْعُشْرِ مِنَ الْوَرِقِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا " وَبِرِوَايَةِ حَبِيبِ بْنِ نَجِيحٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: " لَا تَأْخُذْ مِنَ الْكَسْرِ شَيْئًا وَلَا مِنَ الْوَرِقِ حَتَّى تبلغ مائتي درهم ولا تأخذ مما زاد شيئاً حتى تبلغ أربعين فإذا بلغتها ففيها درهم " قال وَلِأَنَّهُ جِنْسُ مَالٍ فِي ابْتِدَائِهِ وَقْصٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي أَثْنَائِهِ وَقْصٌ كَالْمَوَاشِي.
وَدَلِيلُنَا: عُمُومُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي " الرِّقَّةِ رَبُعُ الْعُشْرِ " فَكَانَ مَا اسْتُثْنِيَ مِنْهُ خَارِجًا، وَمَا سِوَى الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى حُكْمِ الْعُمُومِ بَاقِيًا، وَرَوَى عَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute