حُكْمِ الزَّوْجَاتِ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَإِنْ صَادَقَ ظِهَارَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ الظِّهَارُ لِأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْعِدَّةِ صَحَّ الظِّهَارُ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ صَحَّ الظِّهَارُ مِنْهَا فِي الْعِدَّةِ كَالزَّوْجَةِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَائِدًا مَعَ صِحَّةِ الظِّهَارِ مَا لَمْ يُرَاجِعْ لِأَنَّ الْعَوْدَ أَنْ يُمْسِكَهَا بَعْدَ الظِّهَارِ زَوْجَةً مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ يُوجِبُ لِلْفُرْقَةِ وَهَذِهِ فِي تَحْرِيمِ فُرْقَةٍ فَلَمْ يَصِرْ بِظِهَارِهِ عَائِدًا، وَلِأَنَّهُ لَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ ثُمَّ اتَّبَعَهُ بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا فَكَذَلِكَ إِذَا ظَاهَرَ مِنْهَا فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ وَإِذَا صَحَّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَائِدًا وَإِنْ صَحَّ ظِهَارُهُ مَا لَمْ يُرَاجِعْ فَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِالْعَوْدِ بَعْدَ الظِّهَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ:)
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ ظِهَارَهُ فِي الْعِدَّةِ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا فَلَهُ حَالَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يُرَاجِعَهَا فِي الْعِدَّةِ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يُرَاجِعَهَا. فَإِنْ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ عَادَتْ إِلَى النِّكَاحِ الَّذِي ظَاهَرَهَا فِيهِ وَعَادَ الظِّهَارُ فِيهِ وَصَارَ عَائِدًا، وَبِمَاذَا يَصِيرُ عَائِدًا فِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: قَالَ فِي الْأُمِّ يَصِيرُ عَائِدًا بِنَفْسِ الرَّجْعَةِ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ أَوْكَدُ مِنْ إِمْسَاكِهَا زَوْجَةً بَعْدَ الظِّهَارِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّمَسُّكِ بِعِصْمَتِهَا مِنِ اسْتِدَامَةِ إِمْسَاكِهَا فَكَانَ بِأَنْ يَصِيرَ عَائِدًا أَوْلَى. فَعَلَى هَذَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الرَّجْعَةِ الَّتِي صَارَ بِهَا عَائِدًا، فَلَوِ اتَّبَعَ الرَّجْعَةَ طَلَاقًا لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَهُ فِي (الْإِمْلَاءِ) إِنَّهُ لَا يَكُونُ عَائِدًا بِنَفْسِ الرَّجْعَةِ حَتَّى يَمْضِيَ عَلَيْهَا بَعْدَهَا زَمَانُ الْعَوْدِ وَهُوَ إِمْسَاكُهَا بَعْدَ الرجعة حتى يمضي زمان التحريم بالفرقة وإنما لم يصر عائداً إلى بالإمساك بَعْدَ الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ أَنْ يُمْسِكَهَا زَوْجَةً غَيْرَ مُحَرَّمَةٍ وَلَيْسَ يُمْسِكُهَا زَوْجَةً إِلَّا بَعْدَ الرَّجْعَةِ فَعَلَى هَذَا لَوِ اتَّبَعَ الرَّجْعَةَ طَلَاقًا لَمْ يَصِرْ عَائِدًا وَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ أَمْهَلَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ حَتَّى مَضَى عَلَيْهِ زَمَانُ التَّحْرِيمِ صَارَ حِينَئِذٍ عَائِدًا وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الكفارة.
أما الحالة الثَّانِيَةُ: وَهُوَ أَنْ لَا يُرَاجِعَهَا حَتَّى تَمْضِيَ الْعِدَّةُ فَقَدْ بَانَتْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَأْنِفْ نِكَاحَهَا سَقَطَ حُكْمُ الظِّهَارِ، وَإِنِ اسْتَأْنَفَ نِكَاحَهَا فَهَلْ يَعُودُ ظِهَارُهُ فِيهِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ كُلِّهِ وَأَحَدُ قَوْلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَنَّ ظِهَارَهُ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ يَعُودُ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فِي الْجَدِيدِ لَا يَعُودُ وَقَدْ مَضَى تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ فَإِذَا قِيلَ إِنَّ ظِهَارَهُ لَا يَعُودُ فَقَدْ بَطَلَ حُكْمُهُ وَحَلَّ لَهُ إِصَابَتُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَعُدْ فَلَمْ يَحْرُمْ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ ظهاره يعود
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute