للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَمَّاهَا آيَةَ الصَّيْفِ، لِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الصَّيْفِ فَلَمْ يَزِدْهُ فِي الْبَيَانِ عَنِ الرَّدِّ إِلَى الْإِشَارَةِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا تَجَرَّدَ عَنْ إِشَارَةٍ كَالْحُرُوفِ الْمُفْرَدَةِ فِي الْقُرْآنِ مِثْلُ {الم} وَ {كهيعص} [مريم: ١] {حمعسق} [الشورى: ١] فَكَانَتْ عَلَى احْتِمَالِ مُشْتَبِهَةٍ غَيْرَ أَنَّ الْمُرَادَ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ خَفِيٌّ وَفِي هَذَا الضَّرْبِ مُبْهَمٌ وَكِلَاهُمَا مِنَ الْمُتَشَابِهِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ الْمُتَشَابِهُ فِي حَالٍ وَالْمُحْكَمُ فِي حَالٍ: فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْعُمُومُ إِذَا خُصَّ.

وَالثَّانِي: الْمُجْمَلُ إِذَا فُسِّرَ، هُمَا قَبْلَ الْبَيَانِ مِنَ الْمُتَشَابِهِ، وَبَعْدَ الْبَيَانِ مِنَ الْمُحْكَمِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ: وَهُوَ الْمُحْكَمُ مِنْ وَجْهٍ وَالْمُتَشَابِهُ مِنْ وَجْهٍ: فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمُتَشَابِهُ فِي الْمُوجَبِ، وَالْمُحْكَمُ فِي الْوَاجِبِ، مِثْلُ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بالحق} [الأنعام: ١٥١، الإسراء: ٣٣] فَالْحَقُّ هُوَ السَّبَبُ الْمُوجَبُ وَهُوَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ وَإِبَاحَةُ الْقَتْلِ هُوَ الْوَاجِبُ وَهُوَ مِنَ الْمُحْكَمِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُحْكَمُ فِي الْمُوجَبِ وَالْمُتَشَابِهُ فِي الْوَاجِبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] . وَالسَّبَبُ الْمُوجِبُ هُوَ اسْتِحْصَادُ الزَّرْعِ وَهُوَ مِنَ الْمُحْكَمِ وَالْحَقُّ الْمُؤَدَّى هُوَ الْوَاجِبُ وَهُوَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ.

فَهَذَانِ الضَّرْبَانِ وَنَظَائِرُهُمَا هُوَ الْمُحْكَمُ مِنْ وَجْهٍ وَالْمُتَشَابِهُ مَنْ وَجْهٍ ثُمَّ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ تُعْتَبَرُ جَمِيعُ النُّصُوصِ.

[(فصل: [القسم السادس الناسخ والمنسوخ] )]

وَأَمَّا الْقِسْمُ السَّادِسُ وَهُوَ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ.

فَالنَّسْخُ هُوَ رَفْعُ مَا ثَبَتَ حُكْمُهُ فِي الشَّرْعِ دُونَ الْعَقْلِ، لِأَنَّ وَاجِبَاتِ الْعُقُولِ لَا يَجُوزُ نسخها بشرع ولا عقل.

فالنسخ مُخْتَصٌّ بِالْأَحْكَامِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي دُونَ الْأَخْبَارِ، لِأَنَّ نَسْخَ الْخَبَرِ مُفْضٍ إِلَى دُخُولِ الْكَذِبِ فِي نَاسِخِهِ أَوْ مَنْسُوخِهِ، وَنَسْخُ الْحُكْمِ إِنَّمَا هُوَ الْعِلْمُ بِانْقِضَاءِ مُدَّتِهِ.

وَهُوَ مَأْخُوذٌ فِي اللُّغَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ نَسَخَ الْمَطَرُ الْأَثَرَ إِذَا أَزَالَهُ وَنَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ إِذَا زَالَ بِهَا فَسُمِّيَ فِي الشَّرْعِ نَسْخًا لِزَوَالِ الْحُكْمِ بِهِ كَمَا سُمِّيَ بِهِ نَسْخُ الْكِتَابِ لِإِزَالَةِ الْأَصْلِ بِإِثْبَاتِ فَرْعِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>