قول المرتهن لأنه لم يقر أنه قبض منه شيئا يحل له ارتهانه بحال وليس كالعيب في العبد الذي يحل ملكه والعيب به والمرتهن بالخيار في فسخ البيع (قلت) أنا هذا عندي أقيس لأن الراهن مدع ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي رَجُلٍ ارْتَهَنَ عَصِيرًا حُلْوًا شَرَطَهُ فِي مَوْضِعِ عَقْدِ الْبَيْعِ ثُمَّ وَجَدَ الْعَصِيرَ خَمْرًا فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَصِيرَ خَمْرًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَقَدْ بَطَلَ فِيهِ الرَّهْنُ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْبَيْعِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَصِيرَ خَمْرًا فِي يَدِ الرَّاهِنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ وَيَقْبِضُهُ الْمُرْتَهِنُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ ثُمَّ يَعْلَمُ فَقَدْ بَطَلَ بِهِ الرَّهْنُ وَوَجَبَ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ بَيْنَ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ بِلَا رَهْنٍ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ لِأَنَّ مَا شَرَطَهُ مِنَ الرَّهْنِ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ بِالْقَبْضِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْعَصِيرُ قَدْ صَارَ خَمْرًا قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَعْلَمَا بِهِ إِلَّا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَهَذَا رَهْنٌ بَاطِلٌ وَفِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ لِبُطْلَانِ مَا اقْتَرَنَ بِهِ مِنَ ارْتِهَانِ الْخَمْرِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: جَائِزٌ لِاسْتِقْلَالِ الْبَيْعِ بِحُكْمِهِ، وَجَوَازِ تَفَرُّدِهِ عَنْ غَيْرِهِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْبَائِعُ الْمُرْتَهِنُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ بِلَا رَهْنٍ وبين فسخه فهذا حُكْمُهُ إِذَا لَمْ يَخْتَلِفَا.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا إِذَا اخْتَلَفَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ فَقَالَ الْبَائِعُ الْمُرْتَهِنُ: كَانَ خَمْرًا فِي يَدِكَ أَيُّهَا الرَّاهِنُ فَقَبَضْتُهُ وَأَنَا لَا أَعْلَمُ بِهِ عَلَى الْخِيَارِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي الرَّاهِنُ: قَبَضْتَهُ مِنِّي عَصِيرًا حُلْوًا فَصَارَ فِي يَدِكَ خَمْرًا فَلَا خِيَارَ لَكَ فِي الْبَيْعِ.
فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ الْحَالُ يَشْهَدُ بِصِحَّةِ دَعْوَاهُ حُكِمَ لَهُ رَاهِنًا كَانَ أَوْ مُرْتَهِنًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ وَلَا فِي الْحَالِّ بَيَانٌ فَفِيهِ قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ كَوْنَ الْعَصْرِ خَمْرًا مِثْلُ كَوْنِهِ مَعِيبًا فِي اسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ. ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوِ ادَّعَى تَقَدُّمَ عَيْبٍ فِي الرَّهْنِ وَأَنْكَرَهُ الرَّاهِنُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ فَكَذَلِكَ إِذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ تَقَدُّمَ كَوْنِهِ خَمْرًا وَأَنْكَرَهُ الرَّاهِنُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قول الراهن.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ: إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ المرتهن البائع لأن كون االعصير خَمْرًا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقَبْضِ وَقَوْلُ الْمُرْتَهِنِ: أَقْبَضْتَنِيهِ خَمْرًا إِنْكَارٌ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ وَقَوْلُ الرَّاهِنِ أَقْبَضْتُكَهُ عَصِيرًا ادِّعَاءٌ بِصِحَّةِ الْقَبْضِ، وَلَوِ ادَّعَى الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ صِحَّةَ الْقَبْضِ وَأَنْكَرَهُ الْمُرْتَهِنُ