للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَغَسْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَالْمَرْأَةِ زوجها

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيُفْضِي بِالْمَيِّتِ إِلَى مُغْتَسَلِهِ، وَيَكُونُ كَالْمُنْحَدَرِ قَلِيلًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ أَمَّا غُسْلُ الْمَوْتَى وَتَكْفِينُهُمْ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ وَدَفْنُهُمْ فَفَرْضٌ عَلَى كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْكُلُّ بِهِ مُخَاطَبُونَ، فَإِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُهُمْ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ بَاقِيهِمْ، وَإِنْ لم يقم البعض خرج الْكُلُّ لِأَنَّ فُرُوضَ الْكِفَايَاتِ وَفُرُوضَ الْأَعْيَانِ قَدْ يَشْتَرِكَانِ فِي الِابْتِدَاءِ وَيَفْتَرِقَانِ فِي الْفِعْلِ، فَمَا كَانَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ لَمْ يَلْزَمِ الْكُلَّ، وَيسقط عَنْهُمْ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، وَمَا كَانَ مِنْ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ يَلْزَمُ الْكُلَّ، فَإِذَا فَعَلَهُ الْبَعْضُ سقط من فَاعِلِهِ دُونَ غَيْرِهِ.

وَالدَّلَالَةُ عَلَى إِيجَابِ غُسْلِهِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " فُرِضَ عَلَى أُمَّتِي غَسْلُ مَوْتَاهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهَا وَدَفْنُهَا ".

فَصْلٌ

: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ غُسْلَ الْمَوْتَى فَرْضٌ عَلَى كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَالْفَضْلُ لِمَنْ قَامَ بِهِ دُونَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَوْ أَنَّ رُفْقَةً فِي طَرِيقٍ مِنْ سَفَرٍ فَمَاتَ مِنْهُمْ مَيِّتٌ فَلَمْ يُوَارُوهُ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي طَرِيقٍ آهِلٍ يَخْتَرِقُهُ النَّاسُ وَالْمَارَّةُ، أَوْ بِقُرْبِ قَرْيَةٍ أَوْ حِصْنٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَسَاءُوا بِتَرْكِهِمُ الْفَضْلَ، وَتَضْيِيعِ حَقِّ أَخِيهِمْ، وَكَانَ عَلَى مَا يَقْرُبُ مِنْهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُوَارُوهُ، وَإِنْ كَانُوا لَمْ يُوَارُوهُ وَتَرَكُوهُ فِي صَحْرَاءَ أَوْ مَوْضِعٍ لَا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ وَلَا يَجْتَازُ بِهِ أَهْلُ قَرْيَةٍ فَقَدْ أَثِمُوا وَعَصَوُا اللَّهَ تَعَالَى، وَعَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يُعَاقِبَهُمْ عَلَى ذَلِكَ لِتَضْيِيعِهِمْ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتِخْفَافِهِمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ أَخِيهِمُ الْمُسْلِمِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا فِي مَخَافَةٍ مِنْ عَدُوٍّ، وَيَخَافُونَ إِنِ اشْتَغَلُوا بِالْمَيِّتِ أَظَلَّهُمْ، فَالَّذِي يُخْتَارُ أَنْ يُوَارُوهُ مَا أَمْكَنَهُمْ، فَإِنْ تَرَكُوهُ لَمْ يَحْرَجُوا لِأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ.

فَصْلٌ

: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَلَوْ أَنَّ مُجْتَازِينَ مَرُّوا عَلَى مَيِّتٍ فِي الصَّحْرَاءِ فَقَدْ لَزِمَهُمُ الْقِيَامُ بِهِ، رَجُلًا كَانَ الْمَيِّتُ أَوِ امْرَأَةً، فَإِنْ تَرَكُوهُ حرجوا أو أثموا، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ بِثِيَابِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَثَرُ غُسْلٍ وَلَا كَفَنٍ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُغَسِّلُوهُ، وَيُكَفِّنُوهُ، وَيُصَلُّوا

<<  <  ج: ص:  >  >>