للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُشَاعُ بَيْنَهُمْ نِصَابٌ، فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمَالِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَاشِيَةً أَوْ غَيْرَهَا، فَإِنْ كَانَتْ مَاشِيَةً وَجَبَتْ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ، لِأَنَّهُمْ خُلَطَاءُ فِي نِصَابٍ فَيَكُونَ الْإِجْزَاءُ فِيمَا عَجَّلَهُ الْمَيِّتُ عَلَى مَا مَضَى إِنْ بَنَوْا أَجْزَأَهُمْ، وَإِنِ اسْتَأْنَفُوا فَعَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ غَيْرَ مَاشِيَةٍ فَهَلْ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي الْخُلْطَةِ فِي غَيْرِ الْمَوَاشِي، فَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ إِنَّ الْخُلْطَةَ لَا تَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمَوَاشِي لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ شَرَطَ التَّعْجِيلَ اسْتَرْجَعُوهُ، وَإِنْ لَمْ يشترط التعجيل لَمْ يَسْتَرْجِعُوهُ، وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ إِنَّ الْخُلْطَةَ تَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمَوَاشِي عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ، وَيَكُونُ الْإِجْزَاءُ فِي التَّعْجِيلِ عَلَى مَا مَضَى إن قيل إنهم يبنون أجزأهم، فإن قيل إنهم يستأنفون فعلى وجهين.

أحدهما: يجزئهم.

والثاني: لا يجزئهم فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ شَرَطَ التَّعْجِيلَ فَلَهُمُ اسْتِرْجَاعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطِ التَّعْجِيلَ فَلَيْسَ لَهُمُ اسْتِرْجَاعُهُ. والله أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو كان رجلٌ لَهُ مالٌ لَا تَجِبُ فِي مِثْلِهِ الزَّكَاةُ فأخرج خمسة دراهم فقال إِنْ أَفَدْتُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَهَذِهِ زَكَاتُهَا لَمْ يجز عنه لِأَنَّهُ دَفَعَهَا بِلَا سَبَبِ مالٍ تَجِبُ فِي مثله الزكاة فيكون قد عجل شيئاً ليس عليه إن حال عليه فيه حول ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

إِذَا مَلَكَ أَقَلَّ من نصاب فعجل زكاة نصاب، كأن مَلَكَ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَجَّلَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ زَكَاةَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، أَوْ مَلَكَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ فَأَخْرَجَ شَاةً زَكَاةَ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ، ثُمَّ مَلَكَ بَعْدَ التَّعْجِيلِ تَمَامَ النِّصَابِ لَمْ يُجْزِهِ التَّعْجِيلُ عَنْ زَكَاتِهِ، لِأَنَّ تَعْجِيلَ الزَّكَاةِ يُجْزِئُ إِذَا كَانَ أَحَدُ سَبَبَيْ وُجُوبِهَا مَوْجُودًا وَهُوَ النِّصَابُ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لَمْ يُجْزِهِ، كَمَا لَوْ أَخْرَجَ كَفَّارَةَ يَمِينِهِ قَبْلَ حِنْثِهِ وَيَمِينِهِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا صار أصلاً مقرراً تَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ جَمِيعُ فُرُوعِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ إِذَا اشْتَرَى سِلْعَةً بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَعَجَّلَ زَكَاةَ أَلْفٍ عَنْهَا وَعَنْ رِبْحِهَا فَبَاعَهَا عِنْدَ الْحَوْلِ بِأَلْفٍ أَجْزَأَهُ مَا عَجَّلَهُ عَنِ الْأَلْفِ، لِأَنَّ أَحَدَ السَّبَبَيْنِ وَهُوَ النِّصَابُ مَوْجُودٌ، وَالرِّبْحُ الزَّائِدُ تَبَعٌ لِلنِّصَابِ فِي حَوْلِهِ فَجَازَ مَا عَجَّلَهُ عَنِ النِّصَابِ وَعَنْ رِبْحِهِ، فَلَوْ كَانَ قَدْ بَاعَ السِّلْعَةَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بِأَلْفٍ، فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ بِالرِّبْحِ الْحَوْلَ لَمْ يُجْزِهِ التَّعْجِيلُ عَنِ الرِّبْحِ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ تَبَعًا وَإِنْ قال يبني على حول المائتين أجزأه التعجيل الأول عَنِ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ يَكُونُ تَبَعًا فَلَوْ مَلَكَ أَلْفًا فَعَجَّلَ زَكَاتَهَا ثُمَّ تَلِفَتْ فَمَلَكَ بَعْدَهَا أَلْفًا لَمْ يُجْزِهِ التَّعْجِيلُ الْأَوَّلُ عَنِ الْأَلْفِ الثاني،

<<  <  ج: ص:  >  >>