للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِفَوَاتِ الْقَضَاءِ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الْحَقِّ قَبْلَ يَوْمِ الْجُمْعَةِ لَمْ يَحْنَثِ الْحَالِفُ أَيْضًا، لَكِنَّهُ إِنْ مَاتَ بَعْدَ مَشِيئَتِهِ ارْتَفَعَ الْحِنْثُ بِحَلِّ الْيَمِينِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ مَشِيئَتِهِ ارْتَفَعَ الْحِنْثُ بِتَعَذُّرِ إِمْكَانِ الْبِرِّ، وَإِنِ احْتَمَلَ تَخْرِيجَ الْحِنْثِ.

وَالْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَحْلِفَ لَيَقْضِينَّهُ حَقَّهُ فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ تَأْخِيرَهُ، فَارْتِفَاعُ حِنْثِهِ يَكُونُ بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ إِمَّا بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ لِلتَّأْخِيرِ فَتَحِلُّ بِهِ الْيَمِينُ، وَإِمَّا بِقَضَاءِ الْحَقِّ فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ فَيَبَرُّ فِي الْيَمِينِ، فَإِنْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ يَوْمِ الْجُمْعَةِ لَمْ يَحْنَثْ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الْحَقِّ قَبْلَهُ لَمْ يَحْنَثْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ وَإِنِ احْتَمَلَ تَخْرِيجَ الْحِنْثِ، وَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ صَاحِبُ الْمَشِيئَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ فَلَهُ قَبْلُ مَوْتِهِ ثَلَاثَةُ أحوالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ مَشِيئَةِ التَّأْخِيرِ، فَالْيَمِينُ قَدِ انْحَلَّتْ وَلَا يَقَعُ الْحِنْثُ فِيهَا بِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ مَشِيئَةِ التَّأْخِيرِ، فَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ، لِأَنَّ زَمَانَ الْبِرِّ مُنْتَظَرٌ، وَهُوَ بِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ مُعْتَبَرٌ فَإِنْ قَضَاهُ فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ بَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِهِ حَنِثَ لِإِمْكَانِ الْبِرِّ، فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَى الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ

(الْمَسْأَلَةِ:)

إِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِمَوْتِ صَاحِبِ الْمَشِيئَةِ كَمَا لَوْ كَانَتِ الْمَشِيئَةُ مَرْدُودَةً إِلَى صَاحِبِ الْحَقِّ ظَنَّ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي سُقُوطِ الْحِنْثِ بِمَوْتِهِمَا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، فَقَالَ: كَيْفَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي سُقُوطِ الْحِنْثِ بِمَوْتِهِمَا وَالْبِرُّ فِي مَوْتِ صَاحِبِ الْحَقِّ مُتَعَذِّرٌ وَفِي مَوْتِ صَاحِبِ الْمَشِيئَةِ مُمْكِنٌ فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّمَا جَمَعَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيْنَهُمَا فِي أَنَّ الْحِنْثَ لَا يَقَعُ فِي حَالِ مَوْتِهِمَا، لِأَنَّ وَقْتَ الْقَضَاءِ لَمْ يَأْتِ فَصَارَا فِيهِ سَوَاءً فِي الْحَالِ، وَإِنِ افْتَرَقَا بِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ، فَيَحْنَثُ بتأخيره إذا كان الْمَشِيئَةُ إِلَى غَيْرِ صَاحِبِ الْحَقِّ، وَلَا يَجِبُ تأخيره إذا كان الْمَشِيئَةُ إِلَى صَاحِبِ الْحَقِّ بِمَا عَلَّلَ الْمُزَنِيُّ مِنْ تَعَذُّرِ الْقَضَاءِ بِمَوْتِ صَاحِبِ الْحَقِّ أَوْ إِمْكَانِهِ بِمَوْتِ غَيْرِهِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: مِنْ أَحْوَالِ صَاحِبِ الْمَشِيئَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنْ يَقَعَ الشَّكُّ فِي مَشِيئَتِهِ، فَلَا يَعْلَمُ هَلْ شَاءَ التَّأْخِيرَ أَوْ لَمْ يَشَأْهُ فَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ مَنْ لَمْ يَشَأِ التَّأْخِيرَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَشِيئَةِ حَتَّى يَعْلَمَ حُدُوثَهَا، فَيَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى مَا مَضَى.

وَحَكَى أَبُو عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ التَّأَنِّي فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ اعْتِبَارًا بِالظَّاهِرِ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَاحْتِجَاجًا بِأَنَّ الْحِنْثَ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ وَهَذَا زَلَلٌ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُنْعَقِدَةٌ فَلَا تَحِلُّ بِالشَّكِّ.

(فَصْلٌ:)

ثُمَّ إِنَّ الْمُزَنِيَّ وَصَلَ احْتِجَاجَهُ عَلَى مَا وَهِمَ فِي تَأْوِيلِهِ وَإِنْ أَصَابَ في جوابه

<<  <  ج: ص:  >  >>