للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ أَنَّ الْأُصُولَ مَوْضُوعَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ ضَمِنَهُ كَالْمُقْتَرِضِ وَالْمُسْتَعِيرُ أَخَذَهُ لِمَنْفَعَةِ مَالِكِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ كَالْمُودِعِ وَمَنْ أَخَذَهُ لِمَنْفَعَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِهِ كَالْمُضَارِبِ وَالْمُرْتَهِنِ فَلَا يَضْمَنُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي كَذَلِكَ الْأَجِيرُ أَخَذَ الْمَالَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَمَنْفَعَةِ مَالِكِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَضْمَنَهُ. وَلِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَمَّا جَعَلَ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ يَدَ أَمَانَةٍ وَجَبَ أن يجعل يد الأجير يد أمانة ولأنه لما كان أحد الأجيرين وهو المنفرد مؤتمناً وجب أن يكون الْأَجِيرِ الْمُشْتَرِكُ مُؤْتَمَنًا.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ اخْتَارَ سُقُوطَ الضَّمَانِ وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ غَيْرَ أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِمَا لَا حُجَّةَ فِيهِ وَسَنُوَضِّحُ مِنْ حُكْمِ مَا احْتَجَّ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ حُجَّتِهِ فَأَوَّلُ مَا ذَكَرَهُ الْحَجَّامُ يُحَجِّمُ أَوْ يَخْتِنُ فَإِنْ ظَهَرَتْ مِنْهُ جِنَايَةٌ عَنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا حَدَثَ بِجِنَايَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ جِنَايَةٌ فَإِنْ حَجَّمَ أَوْ خَتَنَ حُرًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. سَوَاءٌ كَانَ الْحَجَّامُ مُنْفَرِدًا أَوْ مُشْتَرِكًا لِأَنَّ الْحُرَّ فِي يَدِ نَفْسِهِ وَلَيْسَتْ عَلَيْهِ يَدٌ فَصَارَ الْمُنْفَرِدُ وَالْمُشْتَرِكُ مَعَهُ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ حَجَّمَ عَبْدًا فَإِنْ كَانَ مَعَ سَيِّدِهِ أَوْ فِي مَنْزِلِ سَيِّدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَجَّامِ لِأَنَّ يَدَ سَيِّدِهِ لَمْ تَزَلْ عَنْهُ فَلَمْ يَضْمَنْ إِلَّا بِالْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ سَيِّدِهِ وَلَا مَنْزِلِهِ فَفِي وُجُوبِ الضَّمَانِ قَوْلَانِ لِأَنَّ الْحَجَّامَ أَجِيرٌ مُشْتَرِكٌ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الرَّاعِي فَإِنْ نُسِبَ إِلَى التَّعَدِّي بِالرَّعْيِ فِي مَكَانٍ مُسَبَّعٍ أَوْ جَدْبٍ أَوْ مَخُوفٍ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَإِنْ لَمْ يُنْسَبْ إِلَى التَّعَدِّي نُظِرَ فَإِنْ رَعَى فِي مِلْكِ الْمَالِكِ فَهُوَ مُنْفَرِدٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ رَعَى فِي غَيْرِ مَالِهِ لَكِنْ كَانَ الْمَالِكُ مَعَهُ فَكَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْمَالِكُ وَلَا رَعَى فِي مِلْكِ الْمَالِكِ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ مَعَ غَنَمِ جَمَاعَةٍ فَهُوَ مُشْتَرِكٌ وَفِي ضَمَانِهِ قَوْلَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ سِوَى غَنَمِهِ فَعَلَى اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا هَلْ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْمُشْتَرِكِ أَوِ الْمُنْفَرِدِ فَمِنْ جَعَلَهُ كَالْمُنْفَرِدِ أَسْقَطَ الضَّمَانَ عَنْهُ وَمِنْ جَعَلَهُ كَالْمُشْتَرِكِ خَرَّجَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الْبَيْطَارُ فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ عُدْوَانٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأٌ ضَمِنَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ عُدْوَانٌ فَإِنْ كَانَتِ الدَّابَّةُ مَعَ صَاحِبِهَا أَوْ فِي مَنْزِلِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَتْ مَعَ الْبَيْطَارِ فِي جُمْلَةِ غَيْرِهَا فَعَلَى قَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ مُفْرَدَةً وَحْدَهَا فَعَلَى اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الْأَجِيرُ لِحِفْظِ الدُّكَّانِ فَيُؤْخَذُ مَا فِيهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ عَلَى الْمَالِ وَلِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ عَنْهُ لَمْ تَزَلْ. فَأَمَّا الْحَمَّامِيُّ إِنْ تَلِفَتْ ثِيَابُ النَّاسِ عِنْدَهُ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا يَأْخُذُهُ مِنَ الْعِوَضِ هَلْ هُوَ ثَمَنُ الْمَاءِ أَوْ أُجْرَةُ الْحِفْظِ وَالدُّخُولِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ ثَمَنُ الْمَاءِ وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا بِحِفْظِ الثِّيَابِ وَمُعِيرًا لِلسَّطْلِ فَعَلَى هَذَا لَا يَضْمَنُ الثِّيَابَ إِنْ تَلِفَتْ وَلَهُ غُرْمُ السَّطْلِ إِنْ هَلَكَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةُ الدُّخُولِ وَالسَّطْلِ وَحِفْظِ الثِّيَابِ فَعَلَى هَذَا لَا غُرْمَ فِي السَّطْلِ إِنْ هَلَكَ وَيَكُونُ فِي ضَمَانِ الثِّيَابِ كَالْأَجِيرِ الْمُشْتَرِكِ وَهَكَذَا حُكْمُ الثِّيَابِ فِيمَا يَأْخُذُهُ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا الْخَبَّازُ إِذَا اسْتُؤْجِرَ لِخُبْزٍ فِي تَنُّورٍ أَوْ فُرْنٍ فَاحْتَرَقَ فَإِنْ نُسِبَ إِلَى الْعُدْوَانِ فِي عَمَلِهِ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ يَظْهَرُ عُدْوَانُهُ فِيهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>