للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْوَقْتِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَأَيْنَ يأخذها المصدق

قال الشافعي رضي الله عنه: " وأحب أَنْ يَبْعَثَ الْوَالِي الْمُصَدِّقَ فَيُوَافِي أَهْلَ الصَّدَقَةِ مَعَ حُلُولِ الْحَوْلِ فَيَأْخُذُ صَدَقَاتِهِمْ وَأُحِبُّ ذَلِكَ في المحرم وكذا رأيت السعاة عندما كَانَ الْمُحَرَّمُ شِتَاءً أَوْ صَيْفًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

وَجُمْلَةُ الْأَمْوَالِ ضَرْبَانِ:

ضَرْبٌ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ كَالزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَجِيءُ السَّاعِي لِأَخْذِ زَكَاتِهَا فِي وَقْتِ إِدْرَاكِهَا، وَقَدْ يَخْتَلِفُ إِدْرَاكُ الثِّمَارِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الزَّمَانِ، فَلَمْ يُمْكِنْ تَعْيِينُ وَقْتِهِ، وَضَرْبٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ كَالْمَوَاشِي، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وقت مَجِيءُ السَّاعِي مَعْرُوفًا، لِيَتَأَهَّبَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ لِدَفْعِهَا، وَيَتَأَهَّبَ الْفُقَرَاءُ لِأَخْذِهَا، وَيَخْتَارَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " هَذَا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليقضه وليترك بقية ماله " ولأن العمل جار به، ولأنه رَأْسُ السَّنَةِ وَمِنْهُ التَّارِيخُ، وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يؤرخون من رَبِيعٍ الْأَوَّلِ لِوُقُوعِ الْهِجْرَةِ فِيهِ، ثُمَّ رَأَوْا تَقْدِيمَهُ إِلَى الْمُحَرَّمِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ، فَإِذَا تقرر أن المحرم أول فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُنْفِذَ السُّعَاةَ وَالْجُبَاةَ قَبْلَ الْمُحَرَّمِ بِزَمَانٍ يُعْلَمُ أَنَّهُمْ يُوَافُونَ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسْبِ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَبُعْدِهَا، فَإِذَا وَصَلَ السَّاعِي فِي الْمُحَرَّمِ فَمَنْ حَالَ حَوْلُهُ مِنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ أَخَذَ مِنْهُ الزَّكَاةَ، وَمَنْ لَمْ يَحُلْ حَوْلُهُ تَعَجَّلَ مِنْهُ الزَّكَاةَ إِنْ أَجَابَ رَبُّ الْمَالِ إِلَيْهَا، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُعَجِّلَهَا لَمْ يُجْبِرْهُ عَلَى تعجيلها، وكان الساعي بين أن يستخلف من يأخذ منه عند حلولها، وَبَيْنَ أَنْ لَا يَسْتَخْلِفَ لِيَأْخُذَهَا مِنْهُ فِي وقتها.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيَأْخُذُهَا عَلَى مِيَاهِ أَهْلِ الْمَاشِيَةِ وَعَلَى رَبِّ الْمَاشِيَةِ أَنْ يُورِدَهَا الْمَاءَ لِتُؤْخَذَ صَدَقَتُهَا عَلَيْهِ وإذا جرت الماشية عن الماء فعلى المصدق أن

<<  <  ج: ص:  >  >>