للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّبْدِيلِ كَنَصَارَى الْعَرَبِ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ مِنَ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ، فَذَبَائِحُهُمْ حَرَامٌ لَا تَحِلُّ لِسُقُوطِ حُرْمَتِهِمْ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ، وهم بنوا إسرائيل من اليهود والنصارى، إذا قالوا في العزيز والمسيح إنهما ابنا الله ففي إباحة ذبائحهم وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا:

أَحَدُهُمَا: يَحِلُّ أَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَبَاحَ ذَبَائِحَهُمْ مَعَ إِخْبَارِهِ بِذَلِكَ عَنْهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ خَرَجُوا عَنْ حُكْمِ التَّوْحِيدِ إِلَى الْإِشْرَاكِ بِهِ فَتَوَجَّهَتِ الْإِبَاحَةُ إِلَى مَنْ عَدَاهُمْ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، وَهُوَ عِنْدِي أَظْهَرُ.

(فَصْلٌ:)

فَأَمَّا ذَبِيحَةُ النَّصَارَى بِاسْمِ الْمَسِيحِ فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا ذَبَحُوهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَيَذْكُرُوا عَلَيْهِ اسْمَ الْمَسِيحِ، فَأَكْلُهُ حَلَالٌ، وَإِنْ كَرِهْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى، فَكَانَ ذِكْرُ الْمَسِيحِ فِيهِ تَبَعًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَذْبَحُوهُ لِلْمَسِيحِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ كَذَبَائِحِ الْأَوْثَانِ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ بِهِ عَنْ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ} إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) {المائدة: ٣) . حكم ذبائح الجن

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَبَائِحَ الْجِنِّ " قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ أَنْ يَشْترِيَ الرَّجُلَ دَارًا أَوْ يَسْتَخْرِجَ عَنْهَا فَيَذْبَحُ خَوْفًا أَنَّ فِيهَا الْجِنَّ، فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الضَّرْبَيْنِ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، لِيَسْتَدْفِعَ بِهِ إِصَابَةَ الْجِنِّ حَلَّ أَكْلُهَا، وَإِنْ ذَبَحَهَا للجن لاستدفاعهم حرم أكلها. استحباب توجيه الذبيحة إِلَى الْقِبْلَةِ

(مَسْأَلَةٌ:)

قَالَ الشافعي: " وَأُحِبُّ أَنْ يُوَجِّهَ الذَّبِيحَةَ إِلَى الْقِبْلَةِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا كَانَتِ السُّنَّةُ أَنَّ تُوَجَّهَ ذَبِيحَتُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ فِي اللَّحْمِ وَالضَّحَايَا لِمَا رَوَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ضَحُّوا وَطَيِّبُوا بِهَا أَنْفُسَكُمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مسلمٍ يَسْتَقْبِلُ بِذَبِيحَتِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ إِلَّا كَانَ دمها وفرثها، وصوفها حسناتٍ محضوراتٍ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>