وَقَدْ تَزَوَّجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَصْدَقَهَا أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
وَتَزَوَّجَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَصْدَقَهَا مِائَةَ أَلْفٍ وَتَزَوَّجَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ، وَأَصْدَقَهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ معمر التميمي وَأَصْدَقَهَا مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ وَحُكِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ تَزَوَّجَ بِالْبَصْرَةِ سُكَيْنَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَصْدَقَهَا أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَمَّامٍ السَّلُولِيُّ: أَبْلِغْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رِسَالَةً مِنْ نَاصِحٍ لَكَ لا يريد وداعاً:
(بُضْعُ الْفَتَاةِ بِأَلْفِ أَلْفٍ كَامِلٍ ... وَتَبِيتُ سَادَاتُ الْجُنُودِ جِيَاعَا)
(لَوْلَا أَبُو حَفْصٍ أَقُولُ مَقَالَتِي ... وَأَبُثُّ مَا حَدَّثْتُهُ لَارْتَاعَا)
فَصْلٌ: الْقَوْلُ فِي أَقَلِّ الصَّدَاقِ
فَأَمَّا أَقَلُّ الصَّدَاقِ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ أَنَّ كُلَّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا، أَوْ مَبِيعًا، أَوْ أُجْرَةً، أَوْ مُسْتَأْجَرًا جَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ.
وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، حَتَّى قَالَ عمر في ثلاث قبضات زبيب مهراً.
وَبِهِ قَالَ مِنَ التَّابِعِينَ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، حَتَّى حُكِيَ أَنَّ سَعِيدًا زَوَّجَ بِنْتَهُ عَلَى صَدَاقِ دِرْهَمَيْنِ.
وَبِهِ قَالَ مِنَ الْفُقَهَاءِ: رَبِيعَةُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
وَقَالَ مالك: أقل الصداق ما نقطع فِيهِ الْيَدُ؛ رُبُعُ دِينَارٍ، أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ أَقَلُّهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ نِصْفُ دِينَارٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ؛ أَقَلُّهُ دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، فَإِنْ عَقْدَهُ بِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ صَحَّتِ التَّسْمِيَةُ وَكُمِّلَتْ عَشَرَةً، وَمُنِعَتْ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ إِلَّا زُفَرَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ أَبْطَلَ التَّسْمِيَةَ وَأَوْجَبَ مَهْرَ الْمِثْلِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: أَقَلُّهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَقَلُّهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا.
وَاسْتَدَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيرَ مُسَافِحِينَ) {النساء: ٢٤) وَلَا يُطْلَقُ اسْمُ الْأَمْوَالِ عَلَى مَا قَلَّ مِنَ الدَّانِقِ وَالْقِيرَاطِ، فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ابْتِغَاءً بِمَالٍ.
وَرَوَى مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ