وطء فِي غَيْرِ عَقْدٍ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِالْفُرْقَةِ، فَإِذَا طَرَأَ مَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ بَانَتْ، وَإِنْ كَانَتِ الرِّدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَتِلْكَ الْإِصَابَةُ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الرِّدَّةِ قَدْ أَحَلَّهَا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ إِصَابَتُهَا فِي الرِّدَّةِ.
وَظَاهِرُ الِاعْتِرَاضِ صَحِيحٌ غَيْرَ أن أصحابنا خرجوا لصحة المسألة والجواب عن هذا الاعتراض وجوهاً:
أحدهما: أَنَّهُ صَوَّرَهَا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ أَنَّ الْخَلْوَةَ تُوجِبُ الْعِدَّةَ، وَكَمَالَ الْمَهْرِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بِهَا الْإِحْلَالُ لِلْأَوَّلِ، فَإِذَا ارْتَدَّتْ كَانَ نِكَاحُهَا مَوْقُوفًا عَلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَإِذَا أَصَابَهَا فِي حَالِ الرِّدَّةِ لَمْ يُحِلَّهَا، فَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْجَدِيدِ فِي أَنَّ الْخَلْوَةَ لَا تُوجِبُ الْعِدَّةَ فَلَا يُتَصَوَّرُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ صُورَتَهَا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ مَعًا فِي الموطؤة فِي الدُّبُرِ تَجِبُّ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا وَيُكْمِلِ الْمَهْرَ لَهَا، وَلَا يُحِلُّهَا الزَّوْج الْأَوَّل، فَإِذَا ارْتَدَّتْ بَعْدَهُ كَانَ نِكَاحُهَا مَوْقُوفًا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ أَصَابَهَا فِي الرِّدَّةِ لَمْ يُحِلَّهَا.
وَالثَّالِثُ: أنها مصورة في موطؤة دُونَ الْفَرْجِ إِذَا اسْتَدْخَلَتْ مَاءَ الزَّوْجِ وَجَبَتِ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يُحِلَّهَا، فَإِذَا ارْتَدَّتْ كَانَ نِكَاحُهَا مَوْقُوفًا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، فَلَوْ وَطِئَهَا فِي الرِّدَّةِ لَمْ يُحِلَّهَا، وَهَذَا إِنَّمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْجَدِيدِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي الْقَدِيمِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يُحِلُّهَا.
فَأَمَّا إِنْ قِيلَ: بِتَخْرِيجِ قَوْلِهِ الثَّانِي فَالْوَطْءُ فِي الرِّدَّةِ أَوْلَى أَنْ يُحِلَّهَا؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَحَلَّهَا مَا صَادَفَ عَقْدًا فَاسِدًا فَأَوْلَى أَنْ يحلها ما صادف عقداً صحيحاً موقوفاً متثلماً والله أعلم.
[(مسألة:)]
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ ذَكَرْتَ أَنَّهَا نُكِحَتْ نِكَاحًا صَحِيحًا وَأُصِيبَتْ وَلَا نَعْلَمُ حَلَّتْ لَهُ وَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ فَالْوَرَعُ أَنْ لَا يَفْعَلَ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا إِذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا نُكِحَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا زَوْجًا دَخَلَ بِهَا، وَأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ مِنْهُ عَدَّتُهَا لِيَتَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقْصُرَ الزَّمَانُ عَنِ انْقِضَاءِ عِدَّتَيْنِ وَعَقْدٍ وَإِصَابَةٍ فَقَوْلُهَا مَرْدُودٌ لِلْإِحَاطَةِ بِكَذِبِهَا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الزَّمَانُ مُتَّسِعًا لِذَلِكَ فَلَا تَخْلُو حَالُ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ مَعَهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute