للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُسْتَحِقِّيهَا، فَكَانَ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِهَا، وَلِأَنَّ حِفْظَ مَا قُسِّمَ أَسْهَلُ وَالْمَؤُونَةَ فِي نَقْلِهِ أَخَفُّ فَكَانَ أَوْلَى.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَسَّمَ غَنَائِمَ بَدْرٍ بِالْمَدِينَةِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّا رَوَيْنَا خِلَافَهُ، فَتَعَارَضَتِ الرِّوَايَتَانِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ تَشَاجَرُوا فِيهَا، فَأَخَّرَهَا لِتَشَاجُرِهِمْ، حَتَّى جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: ١] فَحِينَئِذٍ قَسَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى رَأْيِهِ، وَأَدْخَلَ فِيهِمْ ثَمَانِيَةً لَمْ يَشْهَدُوا بَدْرًا، ثَلَاثَةً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَخَمْسَةً مِنَ الْأَنْصَارِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ مَكْحُولٍ مُرْسَلٌ، وَالنَّقْلُ الْمَشْهُورُ بِخِلَافِهِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ تَأْخِيرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ غَنِيمَةَ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمُ فَشَكُّوا فِي اسْتِبَاحَتِهَا، فَأَخَّرُوهَا حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلُوهُ عَنْهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: ٢١٧] . الْآيَةَ.

وَالثَّانِي: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ لَمْ يَعْلَمْ مُسْتَحِقَّ الْغَنِيمَةِ وَكَيْفَ تُقَسَّمُ، فَأَخَّرَهَا حَتَّى اسْتَعْلَمَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْهَا. وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ، فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنَ الْمَبِيعَاتِ مَضْمُونٌ عَلَى بَائِعِهِ، فَمَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهَذَا غير مضمون فافتقرا.

وَالثَّانِي: أَنَّ يَدَ الْغَانِمِينَ أَثْبَتُ لِأَنَّ يَدَ الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الدَّارِ وَيَدَ الْغَانِمِينَ عَلَيْهِ بِالِاسْتِيلَاءِ وَالْمُشَاهَدَةِ، فَصَارَ كَرَجُلٍ فِي دَارِ رَجُلٍ وَفِي يَدِهِ ثَوْبٌ، فَادَّعَاهُ صَاحِبُ الدَّارِ لِأَنَّ صاحب اليد أحق من صاحب الدار، ولأن صَاحِبَ الدَّارِ يَدُهُ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَيَدُ الْقَابِضِ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهِدَةِ فَكَانَتْ أَقْوَى وَكَانَ بِالْمِلْكِ أَحَقَّ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ إِنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلِاسْتِرْجَاعِ فَهُوَ أَنَّهَا كَذَلِكَ فِيمَا اتَّصَلَ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ جَوَازِ قِسْمَتِهَا، فَكَذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَأَمَّا مَعَ بَقَاءِ دَارِ الْحَرْبِ فَلَمْ يَسْتَقِرَّ الظَّفَرُ فَيَسْتَقِرَّ عَلَيْهَا مِلْكٌ لِلْغَانِمِينَ أَوْ يد.

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَلَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا وَيَعْلِفُوا دَوَابَّهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنْ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَفِي يَدِهِ شَيْءٌ صَيَّرَهُ إِلَى الْإِمَامِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>