أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَحَكَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، لِأَنَّهُ قَدْ أَذْهَبَ نِصْفَ مَنْفَعَتِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ تَقْسِيطًا عَلَى الْمَنْخَرَيْنِ وَالْمَارِنِ الَّذِي يَشْتَمِلُ الْأَنْفُ عَلَيْهَا، فَكَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَيَلْزَمُهُ عَلَى هَذَا فِي قَطْعِ الْمَارِنِ مَعَ بَقَاءِ الْمَنْخَرَيْنِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَلَوْ شَقَّ الْمَارِنَ وَلَمْ يَقْطَعْهُ فَفِيهِ حُكُومَةٌ، انْدَمَلَ أَوْ لَمْ يَنْدَمِلْ، غَيْرَ أَنَّهَا فِي الْمُنْدَمِلِ أَقَلُّ وَفِي غَيْرِ الْمُنْدَمِلِ، أَكْثَرُ، فَإِنْ خَرَمَ أَحَدٌ مَنْخَرَيْهِ فَإِنْ لم يذهب منه بالخرم شيء ويجزأ فَفِيهِ مِنَ الدِّيَةِ بِقِسْطِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَجَزَّأْ فَفِيهِ حُكُومَةٌ بِحَسَبِ الشَّيْنِ لَا تَبْلُغُ بِهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَنَصِفُهَا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي قَطْعِ أَحَدِ الْمَنْخَرَيْنِ، لِأَنَّ قَطْعَهُ أَكْثَرُ مَنْ خَرْمِهِ، فَإِنِ اسْتَوْعَبَ قَطْعَ الْأَنْفِ مِنْ أَصْلِ الْمَارِنِ فَأَوْضَحَ عَظْمَ الْقَصَبَةِ فَعَلَيْهِ مَعَ دِيَةِ الْأَنْفِ دِيَةُ مُوضِحَةٍ، وَلَوْ هَشَمَهُ لَزِمَهُ دِيَةُ هَاشِمَةٍ، وَلَوْ نَقَّلَهُ لَزِمَهُ دِيَةُ مُنَقِّلَةٍ، وَلَوْ أَجَافَ مَا تَحْتَهُ لَزِمَهُ دِيَةُ مَأْمُومَةٍ، لِوُصُولِهِ إِلَى جَوْفِ الرَّأْسِ، وَحَكَى أَبُو حَامِدٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي " جَامِعِهِ " قَوْلًا ثَانِيًا: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهِ دِيَةُ مَأْمُومَةٍ وَيَلْزَمُهُ حُكُومَةٌ هِيَ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةِ مُنَقِّلَةٍ، فَإِنِ اسْتَوْعَبَ عَظْمَ الْقَصَبَةِ كُلَّهَا لَزِمَهُ مَعَ دِيَةِ الْأَنْفِ حُكُومَةُ الْقَصَبَةِ لَا يَبْلُغُ بِهَا دِيَةَ الْأَنْفِ، لِأَنَّهَا تَبَعٌ لَهُ، وَخَرَّجَ هَذَا التَّعْلِيلَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْلًا ثَانِيًا فِي قَصَبَةِ الْأَنْفِ إِذَا قُطِعَتْ مع الأنف قولاً ثانياً أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا إِلَّا دِيَةٌ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ فِي قَطْعِ الْحَلَمَةِ مَعَ الثَّدْيَيْنِ، وَقَطْعِ الْحَشَفَةِ مَعَ بَعْضِ الذَّكَرِ، وَلَيْسَ هَذَا التَّحْرِيمُ بِصَحِيحٍ، لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَحَلَّ الْحَلَمَةِ فِي الثَّدْيِ وَمَحَلَّ الْحَشَفَةِ عَلَى الذَّكَرِ، وَلَيْسَ مَحَلُّ الْأَنْفِ عَلَى الْقَصَبَةِ وَإِنِ اتَّصَلَ بِهَا فَاخْتَلَفَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ فِي إِيضَاحِ الْمَارِنِ دِيَةُ مُوضِحَةٍ كَانَ الْتِزَامُ الْغُرْمِ فِي قَطْعِ أَصْلِهَا أَحَقَّ.
(فَصْلٌ)
وَلَوْ جَنَى عَلَى أَنْفِهِ فَاسْتَحْشَفَ وَيَبِسَ فَفِيهِ قَوْلَانِ كَالْأُذُنَيْنِ إِذَا اسْتَحْشَفَتَا: أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ الدِّيَةُ تَامَّةً كَالْيَدَيْنِ إِذَا شُلَّتَا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: عَلَيْهِ حُكُومَةٌ، لِبَقَاءِ نَفْعِهِ مَعَ ذَهَابِ جَمَالِهِ بِخِلَافِ شَلَلِ الْيَدِ الَّذِي قَدْ فَاتَ بِهِ الْجَمَالُ وَالْمَنْفَعَةُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ جَدَعَ أَنْفًا مُسْتَحْشَفًا، كَانَ فِيمَا يَلْزَمُهُ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: حُكُومَةٌ إِذَا قِيلَ فِي اسْتِحْشَافِهِ دِيَةٌ.
وَالثَّانِي: دِيَةٌ إِذَا قِيلَ فِي اسْتِحْشَافِهِ حُكُومَةٌ، وَلَوْ جَنَى عَلَى أَنْفِهِ فاعوج لزمته
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute