للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْبَعْضِ مُثْبِتٌ لِحُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَصَحَّ وَاسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ مُبْطِلٌ لِحُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَصِحُّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا لَا يُقْبَلُ فِي الِانْفِصَالِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي قَبُولِهِ فِي الِاتِّصَالِ وَهُوَ مَا رَفَعَ جَمِيعَ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ وَالْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ وَكَانَ صَحِيحًا فِي كَلَامِ النَّاسِ وَمَفْهُومِ خِطَابِهِمْ كَقَوْلِهِ: ضَمِنْتُ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ، أَوْ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ، أَوْ: لَهُ عَلَيَّ مَالٌ مُؤَجَّلٌ، فَهَذَا قَدْ يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَصِحُّ فِي كَلَامِهِمْ وَإِنَّمَا بَطَلَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ لَا بِمَفْهُومِ الْخِطَابِ وَاسْتِحَالَةُ الْكَلَامِ بِاسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ الَّذِي هُوَ مُسْتَحِيلٌ فِي الْكَلَامِ فَيَكُونُ عَلَى قَوْلَيْنِ إِنِ اتَّصَلَ:

أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ لِصِحَّتِهِ فِي الْكَلَامِ.

وَالثَّانِي: لَا يُقْبَلُ جَمْعًا بَيْنَ مَا رَفَعَ أَوَّلَ كَلَامِهِ لَفْظًا وَبَيْنَ مَا رَفَعَهُ حُكْمًا.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ اخْتَارَ قَبُولَ إِقْرَارِهِ فِي الْجَمِيعِ مِنْ غَيْرِ تَبْعِيضٍ ثُمَّ احْتَجَّ لِنُصْرَتِهِ بِالْبَيْعِ إِذَا أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ بِخِيَارٍ ادَّعَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِيهِ.

فَيُقَالُ لِلْمُزْنِيِّ: إِنْ أَرَدْتَ خِيَارَ الثَّلَاثِ الْجَائِزَ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ أَرَدْتَ خِيَارَ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْمُبْطِلَ لِلْعَقْدِ فَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِيهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالضَّمَانِ أَنَّ الْبَيْعَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُمَلِّكُ بِهِ عِوَضَ مَا مُلِكَ عَلَيْهِ وَقُبِلَ قَوْلُهُ فِي فَسَادِهِ لِرُجُوعِهِ إِلَى الْعِوَضِ وَلَيْسَ كَالضَّمَانِ الَّذِي لَا يُقَابِلُهُ لِنَفْسِهِ مَا يَبْطُلُ لِبُطْلَانِهِ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي فَسَادِهِ ثُمَّ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَلَا أَجْعَلُ قَوْلًا وَاحِدًا إِلَّا حُكْمًا وَاحِدًا وَهَذَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ بِاسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بالصواب.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ عُهْدَةَ دارٍ اشْتَرَاهَا وَخَلَاصَهَا واستحقت رجع بالثمن عَلَى الضَامِنِ إِنْ شَاءَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: ضَمَانُ دَرْكِ الْبَيْعِ جَائِزٌ وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ وَضَمَانُ الدَّرْكِ وَالْعُهْدَةِ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ وَإِنِ اخْتَلَفَا لَفْظًا.

وَقَالَ أبو يوسف: سَأَلْتُ أبا حنيفة عَنِ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا الْعُهْدَةُ، الْعُهْدَةُ الْكِتَابُ، فَكَأَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ ضَمَانِ الدَّرْكِ بِضَمَانِ الْعُهْدَةِ وَهَذِهِ عِبَارَةٌ قَدْ أَلَّفَهَا النَّاسُ وَاتَّسَعُوا فِيهَا فَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِهَا مَعَ أَنَّ إِنْكَارَ الْعِبَارَةِ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِالْحُكْمِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ: ضَمَانُ الدَّرْكِ بَاطِلٌ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَا يَجِبُ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ أَنْ يَسْتَحِقَّ أَوْ لا يستحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>