لَبُونٍ ذَكَرٌ) فَرَاعَى وُجُودَ ابْنَةِ الْمَخَاضِ فِي الْمَالِ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ وُجِدَ شَرْطُ الْبَدَلِ فَجَازَ الْعُدُولُ إِلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي عِتْقِ الظِّهَارِ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شهرين متتابعين} فَلَمْ يُرَاعِ مَالًا دُونَ مَالٍ فَسَوَّيْنَا بَيْنَ الْعَيْنِ وَالثَّمَنِ.
وَالثَّانِي: مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى وَهُوَ أن زكاة المكان فِي الْعَيْنِ فَرَاعَيْنَا وُجُودَ الْعَيْنِ دُونَ الثَّمَنِ وَالْكَفَّارَةِ فِي الذِّمَّةِ فَسَوَّيْنَا بَيْنَ وُجُودِ الْعَيْنِ وَالثَّمَنِ.
(فَصْلٌ:)
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ وُجُودَ الثَّمَنِ كَوُجُودِ الرَّقَبَةِ فِي الْمَنْعِ مِنَ الصَّوْمِ فَكَانَ مَا يَمْلِكُهُ مِنَ الثَّمَنِ غَائِبًا عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الصَّوْمُ وَانْتَظَرَ بِالْعِتْقِ قُدُومَ مَالِهِ، وَلَوْ كَانَ مَا يَمْلِكُهُ الْمُتَمَتِّعُ مِنْ ثَمَنِ دَمِ الْهَدْيِ غَائِبًا عَنْهُ جَازَ لَهُ الصَّوْمُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَحِلَّ هَدْيِ الْمُتَمَتِّعِ مُعَيَّنٌ فَرُوعِيَ وَجُودُهُ قَبْلَهُ فِي مِلْكِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ زَمَانَ الصَّوْمِ فِي التَّمَتُّعِ مُعَيَّنٌ فَرُوعِيَ وُجُودُ الْهَدْيِ قَبْلَهُ، وَزَمَانَ الصَّوْمِ فِي الظِّهَارِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَرُوعِيَ وُجُودُ الرَّقَبَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَلَوْ وَجَدَ الْمُظَاهِرُ الثَّمَنَ وَلَمْ يَجِدِ الرَّقَبَةَ انْتَظَرَ وُجُودَهَا وَلَمْ يَصُمْ، وَلَوْ وَجَدَ الْمُتَمَتِّعُ الثَّمَنَ وَلَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَنْتَظِرُ الْقُدْرَةَ عَلَى ابْتِيَاعِهَا وَلَا يصوم كالمتظاهر.
والوجه الثاني: ويعدل إِلَى الصَّوْمِ وَلَا يَنْتَظِرُ بِخِلَافِ الْمُتَظَاهِرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَعْيِينِ زَمَانِ الصَّوْمِ فِيهِ وَعَدَمِ تَعْيِينِهِ فِي الظِّهَارِ، فَلَوْ لَمْ يَجِدِ الْمُتَظَاهِرُ الرَّقَبَةَ إِلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الشِّرَاءُ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ الصَّوْمُ، وَلَوْ لَمْ يَجِدِ الْمُتَمَتِّعُ الْهَدْيَ إِلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الشِّرَاءُ وَفِي إِجْزَاءِ الصَّوْمِ وَجْهَانِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ:)
قَالَ الشافعي رضي الله عنه: (وَشَرَطَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي رَقَبَةِ الْقَتْلِ مُؤْمِنَةً كَمَا شَرَطَ الْعَدْلَ فِي الشَّهَادَةِ وَأَطْلَقَ الشُّهُودَ فِي مَوَاضِعَ فَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ مَا أَطْلَقَ عَلَى مَعْنَى مَا شَرَطَ وَإِنَمَا رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَفَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الصَّدَقَاتِ فَلَمْ تَجُزْ إِلَّا لِلْمُؤْمِنْينَ فَكَذَلِكَ مَا فَرَضَ اللَّهُ مِنَ الرِّقَابِ فَلَا يَجُوزُ إِلَّا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. . لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ إِلَّا رَقَبَةً مُؤْمِنَةً وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ عِتْقٍ فِي كُلِّ كَفَّارَةٍ حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي عِتْقِ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا مُؤْمِنَةٌ، وَبِمَذْهَبِهِ فِي الْكَفَّارَاتِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تَجُوزُ فِي عِتْقِ الظِّهَارِ وَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ سِوَى الْقَتْلِ عِتْقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute