للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب البيع في المال الذي تجب فيه الزكاة بالخيار وغيره وبيع المصدق وما قبض منه وغير ذلك]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ بَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ أَوِ الْمُشْتَرِي أَوْ هُمَا قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ فَحَالَ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ مَلَكَ الْبَائِعُ وجبت عليه فيه الزكاة لأنه لا يتم بخروجه من ملكه حتى حال الحول ولمشتريه الرد بالتغير الذي دخل فيه بالزكاة (قال المزني) وقد قال في باب زكاة الفطر إن الملك يتم بخيارهما أو بخيار المشتري وفي الشفعة أن الملك يتم بخيار المشتري وحده (قال المزني) الأول إذا كانا جميعاً بالخيار عندي أشبه بأصله لأن قوله لم يختلف في رجل حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ فَبَاعَهُ أنه عتيق والسند عنده أن المتبايعين جميعاً بالخيار ما لم يتفرقا تفرق الأبدان فلولا أنه ملكه ما عتق عليه عبده ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَمُقَدِّمُةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ: أَنَّ الْبَيْعَ هَلْ يَنْقُلُ الْمِلْكَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ أَوْ بِالْعَقْدِ وَتَقَضِّي زَمَانِ الْخِيَارِ؟ فَلِلشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: أَنَّ مِلْكَ الْمَبِيعِ قَدِ انتقل إلى المشتري بنفس العقد، وإن أجاز دَفْعَهُ بِالْخِيَارِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إَِنَّ مِلْكَ الْمَبِيعِ لَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْمُشْتَرِي إِلَّا بِالْعَقْدِ، وَتَقَضِّي زَمَانِ الْخِيَارِ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: إِنَّ الْمِلْكَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا عُلِمَ، أَنَّ الْمِلْكَ كَانَ مُنْتَقِلًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَإِنِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ عُلِمَ أَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَكُنْ مُنْتَقِلًا.

وَتَوْجِيهُ هذه الأقاويل من كِتَابِ الْبُيُوعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِذَا عَرَفْتَ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ فَصُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: فِي رَجُلٍ بَقِيَ مِنْ حَوْلِ مَالِهِ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ فَبَاعَهُ بِخِيَارِ ثَلَاثٍ وَتَمَّ الْحَوْلُ قَبْلَ مُضِيِّهَا أَوْ بَاعَهُ بَيْعًا مُطْلَقًا فَحَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَالْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ، وَالْجَوَابُ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ كَالْجَوَابِ فِي خِيَارِ الْعَقْدِ، وَسَوَاءٌ كَانَ خِيَارُ الشَّرْطِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ:

فَالْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي وجوب الزكاة.

والفصل الثاني: فيما تودى منه الزكاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>