وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِطَا فَسْخَ الْقِرَاضِ بَعْدَ الْمُدَّةِ فِي الشِّرَاءِ دُونَ الْبَيْعِ فَيَكُونُ الْقِرَاضُ جَائِزًا، لِأَنَّ لَهُ فَسْخُ الْقِرَاضِ فِي الشِّرَاءِ عِنْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَجَازَ أَنْ يَشْتَرِطَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ.
فَصْلٌ
: وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْمَالَ قِرَاضًا مَا شِئْتُ أَنَا مِنَ الزَّمَانِ أَوْ مَا شِئْتَ أَنْتَ جَازَ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ تَكُونُ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ.
وَلَوْ قَالَ خُذْهُ مَا رَضِيَ فُلَانٌ مَقَامَكَ أَوْ مَا شَاءَ فُلَانٌ أَنْ يُقَارِضَكَ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ قِرَاضًا فَاسِدًا، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِرَاضًا مَوْقُوفًا عَلَى رَأْيِ غَيْرِهِمَا.
وَلَوْ قَالَ خُذِ الْمَالَ قِرَاضًا مَا أَقَامَ الْعَسْكَرُ أَوْ إِلَى قُدُومِ الْحَاجِّ نُظِرَ: فَإِنْ شَرَطَ لُزُومَهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ كَانَ بَاطِلًا، وَإِنْ شَرَطَ فَسْخَهُ بَعْدَهَا فِي الشِّرَاءِ دُونَ الْبَيْعِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِمَا لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ قِسْطًا مِنَ الْغَرَرِ وَتَأْثِيرًا فِي الْفَسْخِ.
فَصْلٌ
: وَلَوْ قَالَ خُذِ الْمَالَ قِرَاضًا عَلَى أَنْ لَا تَبِيعَ وَلَا تَشْتَرِيَ إِلَّا عَنْ رَأْيِي أَوْ بِمُطَالَعَتِي لَمْ يَجُزْ لِمَا فِيهِ مِنْ إِيقَاعِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي تَصَرُّفِهِ.
وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ لَا تتجر إلا في البرد دُونَ غَيْرِهِ أَوِ الْحِنْطَةِ دُونَ غَيْرِهَا جَازَ لأن لَهُ أَنْ يَخُصَّ الْأَنْوَاعَ وَيَعُمَّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوقِعَ الْحَجْرَ فِيمَا قَدْ خَصَّ أَوْ عَمَّ.
وَلَوْ قَالَ خُذِ الْمَالَ قِرَاضًا عَلَى أَنْ يَكُونَ بِيَدِي أَوْ مَعَ وَكِيلِي وَأَنْتِ الْمُتَصَرِّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقِرَاضَ بَاطِلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إِيقَاعِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ جَائِزٌ، لِأَنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي الْعُقُودِ فَجَازَ أَنْ يَسْتَوْثِقَ بِغَيْرِهِ فِي حِفْظِ الْمَالِ.
فَأَمَّا إِنْ جَعَلَ عَلَيْهِ مُشْرِفًا نُظِرَ: فَإِنْ رَدَّ إِلَى الْمُشْرِفِ تَدْبِيرًا أَوْ عَمَلًا فَسَدَ الْقِرَاضُ، لِأَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّ رَدَّ إِلَيْهِ مُشَارَفَةَ عُقُودِهِ وَمُطَالَعَةَ عَمَلِهِ مِنْ غَيْرِ تَدْبِيرِ وَلَا عَمَلٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ كَمَا مَضَى لِأَنَّهُ حَافِظٌ.
مَسْأَلَةٌ
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا يَشْتَرِطُ أَحَدُهُمَا دِرْهَمًا عَلَى صَاحِبِهِ وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا أَوْ يَشْتَرِطُ أَنْ يُوَلِّيَهُ سِلْعَةً أَوْ عَلَى أَنْ يَرْتَفِقَ أَحَدُهُمَا فِي ذَلِكَ بشيءٍ دُونَ صَاحِبِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.