خَرَجَ فِي الِابْتِدَاءِ سَهْمُ الْمُقَوَّمِ بِمِائَتَيْنِ عَتَقَ، وَبَقِيَ بَعْدَهُ مِنَ الثُّلُثِ ثَلَاثُمِائَةٍ فَيُخْرَجُ اسْمٌ آخَرُ، فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ الْمُقَوَّمِ بِمِائَةٍ عَتَقَ، وَبَقِيَ بَعْدَهُ مِنَ الثُّلُثِ مِائَتَانِ، فَيُخْرَجُ اسْمٌ آخَرُ، فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ الْمُقَوَّمِ بِخَمْسِمِائَةٍ عَتَقَ مِنْهُ خُمْسَاهُ، وَرَقَّ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ الِاثْنَانِ الْبَاقِيَانِ، ثم على هذا القياس.
والقول الثاني: يجزأون ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ عَلَى الْقِيمَةِ دُونَ الْعَدَدِ فَيُجْعَلُ الْمُقَوَّمُ بِخَمْسِمِائَةٍ سَهْمًا، وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْمُقَوَّمِ بِأَرْبَعِمِائَةٍ، وَالْمُقَوَّمِ بِمِائَةٍ، فَيُجْعَلُ سَهْمًا ثَانِيًا وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمُقَوَّمِ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَالْمُقَوَّمِ بِمِائَتَيْنِ، فَيُجْعَلُ سَهْمًا ثَالِثًا، ثُمَّ يُخْرَجُ عَلَى الْعِتْقِ، فَأَيُّ السِّهَامِ خَرَجَ عَتَقَ مَنْ فِيهِ، وَقَدِ اسْتَكْمَلَ بِهِ الثُّلُثَ، وَرَقَّ الْبَاقُونَ.
فَصْلٌ
وَالْقِسْمُ السَّادِسُ: أَنْ تَتَسَاوَى قِيَمُهُمْ، وَلَا يُوَافِقَ عَدَدُهُمْ.
مِثَالُهُ: أَنْ يَكُونُوا أَرْبَعَةً قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةٌ، فَمَجْمُوعُ قِيَمِهِمْ أَرْبَعُمِائَةٍ، ثُلُثُهَا مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، فَتُكْتَبُ أَسْمَاؤُهُمْ فِي الرِّقَاعِ بِعَدَدِهِمْ قَوْلًا وَاحِدًا، فَإِذَا خَرَجَ اسْمُ أَحَدِهِمْ عَتَقَ، وَأُخْرِجَ اسْمٌ ثَانٍ فَأُعْتِقَ ثُلُثُهُ، وَرَقَّ ثُلُثَاهُ وَجَمِيعُ الْآخَرِينَ، ثُمَّ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِبَعْضِ رَقِيْقِهِ جُزِّئَ الرَقِيْقُ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ ثُمَّ جُزِّئُوا فَأَيُّهُمْ خَرَجَ عَلَيْهِ سَهْمُ الدَّيْنِ بِيعُوا ثُمَّ أَقْرَعَ لِيَعْتِقَ ثُلُثَهُمْ بَعْدَ الدَّيْنِ وَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِعْتُ مَنْ عَتَقَ حَتَّى لَا يَبْقَى عَلَيْهِ دَيْنٌ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةٌ فِي عِتْقٍ وَدَيْنٍ يَسْتَوْعِبَانِ التَّرِكَةَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَبِيدٌ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ، وَقَدْ أَعْتَقَهُمْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَوْعِبُ قِيَمَهُمْ أَوْ قِيمَةَ بَعْضِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَوْعِبًا لِقِيَمِهِمُ ارْتَفَعَ حُكْمُ الْعِتْقِ بِالدَّيْنِ سَوَاءٌ أَعْتَقَهُمْ فِي مَرَضِهِ أَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِ، لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ وَبَعْدَهُ وَصِيَّةٌ تُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصَايَا، فَلِذَلِكَ بَطَلَ بِهِ حُكْمُ الْعِتْقِ، كَمَا بَطَلَ بِهِ حُكْمُ جَمِيعِ الْوَصَايَا وَالْمَوَارِيثِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُسْتَوْعِبٍ لِقِيَمِهِمُ ارْتَفَعَ حُكْمُ الْعِتْقِ فِيمَا قَابَلَ قَدْرَ الدَّيْنِ، وَكَانَ بَاقِيًا فِيمَا عَدَاهُ. وَالدَّيْنُ خَارِجٌ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ، وَالْعِتْقُ مُعْتَبَرٌ مِنْ ثُلُثِهَا، فَتَصَوُّرُ الْمَسْأَلَةِ فِي أَسْهَلِ أَمْثِلَتِهَا، لِيَكُونَ مِثَالًا لِغَيْرِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَرْبَعَةُ عَبِيدٍ يَعْتِقُهُمْ فِي مَرَضِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ، وَقِيمَةُ كُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَيَمُوتُ وَيَظْهَرُ عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ دَيْنًا، فَلِظُهُورِ الدَّيْنِ حَالَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَظْهَرَ قَبْلَ تَحْرِيرِ الْعِتْقِ بِالْقُرْعَةِ.
وَالثَّانِيَةُ: بَعْدَ تَحْرِيرِهِ بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute