للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

: وَإِذَا غَصَبَ مِنْهُ عَصِيرًا فَأَغْلَاهُ بِالنَّارِ نَقَصَ قِيمَتَهُ إِنْ نَقَصَتْ وَهَلْ يَضْمَنُ نَقْصَ مَكِيلَتِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ نَقْصَ الْمَكِيلَةِ بِخِلَافِ الزَّيْتِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ نَقْصَ مَكِيلَةِ الزَّيْتِ بِاسْتِهْلَاكِ أَجْزَائِهِ وَنَقْصَ مَكِيلَةِ الْعَصْرِ بِذَهَابِ مَائِيَّتِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ فِي (إِفْصَاحِهِ) أَنَّهُ يَضْمَنُ نَقْصَ الْمَكِيلَةِ كَمَا يَضْمَنُ نَقْصَهَا مِنَ الزَّيْتِ لِأَنَّ ما نقصت النار من مائتيه وَيُقَوَّمُ فِي الْعَصِيرِ بِقِيمَتِهِ فَصَارَ عَصِيرًا نَاقِصَ الْمَكِيلَةِ، وَهَكَذَا لَوْ غَصَبَ مِنْهُ لَبَنًا فَعَمِلَهُ جبناً رجع به جبناً وينقص إِنْ كَانَ فِي قِيمَتِهِ وَهَلْ يَرْجِعُ بِنَقْصِ مكيلته على الوجهين: والله أعلم.

[مسألة]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَكَذَلِكَ لَوْ خَلَطَ دَقِيقًا بدقيقٍ فَكَالزَّيْتِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ غَصَبَ دَقِيقًا فَخَلَطَهُ بِدَقِيقٍ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ إنَّهُ كَالزَّيْتِ فِي أَنَّ لَهُ مِثْلًا تَعَلُّقًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ بِظَاهِرِهِ وَمِنَ الِاحْتِجَاجِ فِيهِ بِتَمَاثُلِ أَجْزَائِهِ وَإنَّ تَفَاوُتَ الطَّحْنِ فِي النُّعُومَةِ وَالْخُشُونَةِ أَقْرَبُ مِنْ تَفَاوُتِ الْحِنْطَةِ فِي صِغَرِ الْحَبِّ وَكِبَرِهِ فَعَلَى هَذَا يُعْتَبَرُ حَالُ مَا خُلِطَ بِهِ مِنَ الدَّقِيقِ فِي كَوْنِهِ مِثْلًا أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ وَيُعْطِيهِ مِثْلَ مَكِيلِهِ بِعَيْنِهِ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الزَّيْتِ سَوَاءً.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ إنَّ الدَّقِيقَ لَا مِثْلَ لَهُ لِاخْتِلَافِ طَحْنِهِ الْمُفْضِي بِالصَّنْعَةِ وَالْعَمَلِ إِلَى عَدَمِ تَمَاثُلِهِ وَلَيْسَ كَالْحِنْطَةِ الَّتِي لَيْسَ لِلْآدَمِيِّينَ صَنْعَةً فِي كِبَرِ حَجْمِهَا وَصِغَرِهِ وَحَمَلُوا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَالزَّيْتِ فِي أَنَّهُ يصير مستهلكاً لا في أن مثلاً له فَعَلَى هَذَا إِذَا خَلَطَ الدَّقِيقَ بِدَقِيقٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ رَبَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا فِي الدَّقِيقِ الْمُخْتَلِطِ بِقِيمَةِ دَقِيقِهِ يُبَاعُ فَيَقْتَسِمَانِ ثَمَنَهُ فَإِنْ لَحِقَهُ نَقْصٌ رَجَعَ بِهِ وَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِسَامَ بِهِ فَعَلَى قَوْلَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الْقِسْمَةِ هَلْ هِيَ بَيْعٌ أَوْ تَمَيُّزُ نَصِيبٍ فَإِنْ غَصَبَ دَقِيقًا فَنَخَلَهُ وَاسْتَهْلَكَ نُخَالَتَهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ قِيمَةَ النُّخَالَةِ.

وَالثَّانِي: يَضْمَنُ أَغْلَظَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ النُّخَالَةِ أَوْ مِنْ نَقْصِ الدَّقِيقِ بِنَخْلِ النُّخَالَةِ وَقَدْ مَضَى نَظِيرُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فِي اسْتِهْلَاكِ التُّرَابِ مِنَ الْأَرْضِ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا غَصَبَ حِنْطَةً فَخَلَطَهَا بِشَعِيرٍ فَلِلْحِنْطَةِ مِثْلٌ كَالزَّيْتِ فَإِنْ أمكن تمييزها مِنَ الشَّعِيرِ الْمُخْتَلِطِ بِهَا أَخَذَ الْغَاصِبُ بِتَمَيُّزِهَا وَإِنْ ثَقُلَتْ مَؤُنَةُ التَّمَيُّزِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَمَيُّزُهَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ كَالزَّيْتِ إِذَا خُلِطَ ببان.

<<  <  ج: ص:  >  >>