قَائِدًا؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَلَا قَاصِدٍ وَالدَّابَّةُ لَا تَصِحُّ مِنْهَا عِبَادَةٌ، ثُمَّ هَلْ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَرْمُلَ عَنْهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَضَيَا.
فَصْلٌ
: فَإِنْ كَانَ عَلَى الْوَلِيِّ طَوَافٌ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ أَوَّلًا، ثُمَّ طَافَ عَنِ الصَّبِيِّ، فَإِنْ طَافَ بِالصَّبِيِّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أربعة أقسام:
أحدهما: أن ينوي الطَّوَافُ عَنْ نَفْسِهِ دُونَ الصَّبِيِّ، فَهَذَا الطَّوَافُ يَكُونُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ بِالصَّبِيِّ لا يختلف؛ لأنه قد صادق نِيَّتُهُ مَا أُمِرَ بِهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَنْوِيَ الطَّوَافَ عَنِ الصَّبِيِّ دُونَ نَفْسِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ عَنِ الْوَلِيِّ الْحَامِلِ دُونَ الصَّبِيِّ الْمَحْمُولِ، قَالَهُ فِي الْإِمْلَاءِ لِأَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ متطوع عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ انْصَرَفَ إِلَى واجبه كالحج.
والقول الثالث: أَنْ يَكُونَ عَنِ الصَّبِيِّ الْمَحْمُولِ دُونَ الصَّبِيِّ الْحَامِلِ، قَالَهُ فِي " الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ " وَحَكَاهُ أَبُو حَامِدٍ فِي " جَامِعِهِ "؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ كَالْآلَةِ لِلْمَحْمُولِ فَكَانَ ذَلِكَ وَاقِعًا عَنِ الْمَحْمُولِ دُونَ الْحَامِلِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَنْوِيَ الطَّوَافَ عَنْ نَفْسِهِ وعن الصبي المحمول فيجزئه عن طوافه، وهي يُجْزِئُ عَنِ الصَّبِيِّ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ تخريجاً من القولين.
والقسم الرابع: أن لا يكون لَهُ نِيَّةٌ فَيَنْصَرِفُ ذَلِكَ إِلَى طَوَافِ نَفْسِهِ لَا يَخْتَلِفُ؛ لِوُجُودِهِ عَلَى الصِّفَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ الْقَصْدِ الْمُخَالِفِ لَهُ.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا مَؤُوْنَةُ حَجِّهِ وَمَؤُوْنَةُ سَفَرِهِ فَالْقَدْرُ الَّذِي كَانَ يَحْتَاجُ إلى إبقائه فِي حَضَرِهِ مِنْ قُوتِهِ وَكُسْوَتِهِ فَهُوَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ دُونَ الْوَلِيِّ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى نَفَقَةِ حَضَرِهِ مِنْ آلَةِ سَفَرِهِ وَأَجْرِ مَرْكَبِهِ، وَجَمِيعُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي سَفَرِهِ مِمَّا كَانَ مُسْتَعِينًا عَنْهُ فِي حَضَرِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: فِي مَالِ الصَّبِيِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مصلحته، كأجرة معلمه وموؤنة تَأْدِيبِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ ذَلِكَ فِي مَالِ الْوَلِيِّ دُونَ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ مَالَ الصَّبِيِّ؛ إِلَّا فِيمَا كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى فِعْلِ الْحَجِّ فِي صِغَرِهِ؛ لِأَنَّ نَفْسَهُ تَبْعَثُ عَلَى فِعْلِهِ فِي كِبَرِهِ وَلَيْسَ كَالتَّعْلِيمِ الَّذِي إِنْ فَاتَهُ فِي صِغَرِهِ لَمْ يُدْرِكْهُ فِي كِبَرِهِ.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا حُكْمُ مَا فَعَلَهُ الصَّبِيُّ فِي حَجِّهِ مِنْ مَحْظُورَاتِ الإحرام الموجبة للفدية فعلى ثلاثة أضرب:
أحدهما: مَا اسْتَوَى حُكْمُ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ وَذَلِكَ الْحَلْقُ وَالتَّقْلِيمُ، وَقَتْلُ الصَّيْدِ فَإِذَا فَعَلَهُ الصَّبِيُّ فَالْفِدْيَةُ فِيهِ وَاجِبَةٌ، وَأَيْنَ تَجِبُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: