للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْمَهْرِ إِنْ أَقَامَتْ أَوْ فَسَخَتْ عَلَى مَا مَضَى، وَإِنْ كَانَ دُونَ النَّسَبِ الَّذِي شَرَطَتْهُ وَمِثْلَ النَّسَبِ الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ أَوْ دُونَهُ فَهَلْ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ نِكَاحِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَهَا الْخِيَارُ لمكان الشرط وأن لها عوضاً في كون ولدها إذا نسب شريفاً.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ خِيَارَهَا يَثْبُتُ بِدُخُولِ النَّقْصِ عَلَيْهَا، وَهَذَا كُفْءٌ فِي النَّسَبِ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا بِهِ نَقْصٌ فَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا فِيهِ خِيَارٌ.

فَأَمَّا إِذَا غَرَّهَا بما سوى ذلك من الشروط نظر، فإذا بان أنه على مِمَّا شَرَطَ فَلَا خِيَارَ لَهَا، لِأَنَّ الْخِيَارَ إِنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالنُّقْصَانِ دُونَ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ أَنْقَصَ مِمَّا شَرَطَ فَفِي خِيَارِهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَهَا الْخِيَارُ لِأَجْلِ الشَّرْطِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لا خيار؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ لَا يَمْنَعُ مِنْ مَقْصُودِ الْعَقْدِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " قَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ مَنْ شَرَطَ هَذَا " فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَأْوِيلِهِ فَقَالَ: " مَنْ أسقط خيارها " معناه أنها ظلمت نفسها باشراط مَا لَمْ يَثْبُتْ لَهَا فِيهِ خِيَارٌ، وَقَدْ كانت تستغني بالمشاهدة على اشْتِرَاطِهِ وَقَالَ: " مَنْ أَثْبَتَ خِيَارَهَا " إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الشُّرُوطِ النَّاقِصَةِ، وَإنَّهَا ظَلَمَتْ نَفْسَهَا بِمَا شَرَطَتْهُ مِنْ نُقْصَانِ أَحْوَالِهِ وَأَوْصَافِهِ.

فَصْلٌ

فَأَمَّا إِذَا نَكَحَتْ نِكَاحًا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لَكِنِ اعْتَقَدَتْ فِيهِ كَمَالَ الْأَحْوَالِ فَبَانَ بِخِلَافِهَا مِنْ نُقْصَانِ الْأَحْوَالِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أن يكون نقصان أحواله غير كفء لها كأنها حُرَّةٌ وَهُوَ عَبْدٌ، أَوْ هَاشِمِيَّةٌ وَهُوَ نَبَطِيٌّ، أَوْ غَنِيَّةٌ وَهُوَ فَقِيرٌ فَلَهَا الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ نكاح غير الكفء لا يلزم إلا بالمعلم وَالرِّضَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعَ نُقْصَانِ أحواله كفؤاً لَهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا فِي غَيْرِ الرِّقِّ، وَهَلْ لَهَا الْخِيَارُ فِي رِقِّهِ إِذَا وَجَدَتْهُ عَبْدًا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا خِيَارَ لها؛ لأن كونه كفؤاً لها يمنع مِنْ دُخُولِ النَّقْصِ وَالْعَارِ عَلَيْهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لها؛ لأن نقص الرق مؤتمر في حقوق النكاح بما لِسَيِّدِهِ مِنْ مَنْعِهِ مِنْهَا بِخِدْمَتِهِ وَإِخْرَاجِهِ فِي سفره وأنه لا يلزم لَهَا إِلَّا نَفَقَةُ مُعْسِرٍ فَاقْتَضَى أَنْ يَثْبُتَ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ نِكَاحِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي غَرَّتْهُ بنسبٍ فَوَجَدَهَا دونه ففيها قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا إِنْ شَاءَ فَسَخَ بِلَا مَهْرٍ وَلَا متعةٍ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْإِصَابَةِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا. وَالثَّانِي: لَا خِيَارَ لَهُ إِنْ كَانَتْ حُرَّةً لِأَنَّ بِيَدِهِ طَلَاقَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْعَارِ مَا يَلْزَمُهَا (قَالَ الْمُزَنِيُّ) رحمه الله قد جعل له الخيار إذا غرته فوجدها أمةً كما جعل لها الخيار إذا غرها فوجدته عبداً فجعل معناهما في الخيار بالغرور واحداً ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>