أَمَةً بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَطِئَهَا أَحَدُهُمَا، أَوْ كَوَطْءِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ فِي الدُّبُرِ، فَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ، وَالْعِفَّةُ بِهِ سَاقِطَةٌ، يَسْقُطُ عَنْهَا الْحَدُّ عَنْ قَاذِفِهِ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَفِي سُقُوطِ الْعِفَّةِ وَجْهَانِ: وَهُوَ الْوَطْءُ، فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، أَوْ نِكَاحُ مُتْعَةٍ، أَوْ شِغَارٌ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي سُقُوطِ الْعِفَّةِ بِهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى سُقُوطِ الْحَدِّ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعِفَّةَ بَاقِيَةٌ لِسُقُوطِ الْحَدِّ فِيهِ، فَعَلَى هَذَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الْقَاذِفِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْعِفَّةَ سَاقِطَةٌ بِهَذَا لِمَا فِيهِ مِنْ قِلَّةِ التَّحَرُّجِ مَعَ ظُهُورِ الْخِلَافِ، فَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ قَاذِفِهِ
وَالْقِسْمُ الْخَامِسُ: مَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَلَا يُسْقِطُ الْعِفَّةَ وَهُوَ وَطْءُ الْأَمَةِ أَوِ الزَّوْجَةِ فِي الْحَيْضِ، أَوِ الْإِحْرَامِ، أَوِ الصِّيَامِ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ لَكِنْ لَا حَدَّ فِيهِ، وَلَا تَسْقُطُ بِهِ الْعِفَّةُ، وَالْحَدُّ عَلَى قَاذِفِهِ وَاجِبٌ، لِأَنَّهُ وَطْءٌ صَادَفَ مَحِلًّا مُبَاحًا طَرَأَ التَّحْرِيمُ عَلَيْهِ لِعَارِضٍ.
فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا مِنْ سُقُوطِ الْحَدِّ عَنِ الْقَاذِفِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حُدُوثِ الزِّنَا وَالْوَطْءِ الْحَرَامِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى اللِّعَانِ، فَأَمَّا إِذَا جَازَ أَنْ يُلَاعِنَ لِنَفْيِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُنْفَى عَنْهُ مَعَ سُقُوطِ الْحَدِّ إِلَّا بِاللِّعَانِ، فَأَمَّا إِنْ أَرَادَ مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ أَنْ يَرْفَعَ بِاللِّعَانِ الفراش ليثبت به التحريم المؤيد، فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ)
قَالَ الشافعي: " وَلَوْ لَاعَنَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا فَلَا حَدَّ لَهَا كَمَا لَوْ حُدَّ لَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا لَمْ يُحَدَّ ثَانِيَةً وَيُنْهَى فَإِنْ عَادَ عُزِّرَ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ لِعَانَهُ مِنْهَا قَدْ أَسْقَطَ عِفَّتَهَا فِي حَقِّهِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى عِفَّتِهَا مَعَ الْأَجَانِبِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هِيَ عَلَى عِفَّتِهَا مَعَ الزَّوْجِ كَمَا هِيَ مَعَ الْأَجَانِبِ، وَلَا يُؤَثِّرُ اللِّعَانُ فِي الْعِفَّةِ، وَهَذَا خَطَأٌ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ اللِّعَانُ فِي تَصْدِيقِ الزَّوْجِ دُونَ الْأَجَانِبِ كَالْبَيِّنَةِ وَجَبَ أَنْ تَسْقُطَ بِهِ الْعِفَّةُ، فِي حَقِّ الزَّوْجِ، وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ بِهِ الْعِفَّةُ فِي حَقِّ الْأَجَانِبِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ لِعَانَهُ لَمَّا سَقَطَتْ بِهِ الْعِفَّةُ إِنْ نَفَى وَلَدًا أَسْقَطَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْفِهِ، لِأَنَّهُ كَالْبَيِّنَةِ لَهُ فِي الْحَالَيْنِ بِلِعَانِهِ وَلَدًا سَقَطَتْ عِفَّتُهَا مَعَ الْأَجَانِبِ فِي الْحَالَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا نَفَى بِلِعَانِهِ وَلَدًا سَقَطَتْ عِفَّتُهَا مَعَ الْأَجَانِبِ كَسُقُوطِهَا مَعَ الزَّوْجِ، وَهَذَا خَطَأٌ، لِاخْتِصَاصِ الزَّوْجِ بِاللِّعَانِ دُونَ الْأَجَانِبِ، وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَعَادَ الزَّوْجُ فَقَذَفَهَا بَعْدَ لِعَانِهِ لَمْ يَخْلُ قَذْفُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالزِّنَا الَّذِي لَاعَنَهَا عَلَيْهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَإِنْ قَذَفَهَا بِذَلِكَ الزِّنَا الَّذِي لَاعَنَهَا عَلَيْهِ لَمْ يُحَدَّ، لِأَنَّ لِعَانَهُ كَالْبَيِّنَةِ لَهُ فِي الْقَضَاءِ بتصديقه