للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَذْفٍ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يُلَاعِنَ مِنْهُ، لِأَنَّ السَّبَّ لَا لِعَانَ فِيهِ، وَإِنَّمَا اللِّعَانُ فِي الْقَذْفِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَفِي تَعْزِيرِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ بُلُوغِهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُعَزَّرُ حَتَّى تَبْلُغَ فَتُطَالِبَ.

وَالثَّانِي: يُعَزَّرُ قَبْلَ بُلُوغِهَا لِأَنَّ تَعْزِيرَ الْقَذْفِ حَدٌّ مَوْقُوفٌ عَلَى بُلُوغِهَا وَتَعْزِيرَ السَّبِّ أَدَبٌ يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهُ قَبْلَ بُلُوغِهَا فَعَلَى هَذَا فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَوْقُوفُ الِاسْتِيفَاءِ عَلَى الْمُطَالَبَةِ مِنَ الْوَلِيِّ لِقِيَامِهِ بِحُقُوقِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَوْكُولٌ إِلَى الْإِمَامِ فِي اسْتِيفَائِهِ لِقِيَامِهِ بِالْمَصَالِحِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مِثْلُهَا مِمَّنْ تُجَامَعُ، لِأَنَّهَا ابْنَةُ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ، فَيَكُونُ رَمْيُهَا بِالزِّنَا قَذْفًا لِاحْتِمَالِهِ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَيَكُونُ التَّعْزِيرُ فِيهِ بَدَلًا مِنْ حَدِّ الْكَبِيرَةِ، وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى بُلُوغِهَا لِتَكُونَ هِيَ الْمُطَالِبَةَ بِهِ فَيُعَزَّرُ لَهَا إِلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ مِنْهَا، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَلْتَعِنَ مِنْهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا فَفِي جَوَازِ لِعَانِهِ وَجْهَانِ مَضَيَا.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي حُكْمِهِنَّ بَعْدَ لِعَانِهِ مِنْهُنَّ، فَعَلَى الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ حَدُّ الزِّنَا إِنْ لَمْ تُلَاعِنْ، فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَجَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَإِنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً فَالرَّجْمُ فَأَمَّا الْأَمَةُ فَلَا رَجْمَ عَلَيْهَا، وَعَلَيْهَا نِصْفُ الْحَدِّ خَمْسُونَ جَلْدَةً، وَفِي تَغْرِيبِهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا تَغْرِيبَ عَلَيْهَا لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِضْرَارِ بِسَيِّدِهَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تُغَرَّبُ، وَفِي قَدْرِ تَغْرِيبِهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَامٌ كَامِلٌ كَالْحُرَّةِ.

وَالثَّانِي: نِصْفُ عَامٍ. كَمَا عَلَيْهَا نِصْفُ الْجَلْدِ، وَفِي نَفَقَتِهَا مُدَّةَ تَغْرِيبِهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا فِي بَيْتِ الْمَالِ لِمَنْعِ سَيِّدِهَا مِنْهَا. وَالثَّانِي: عَلَى سَيِّدِهَا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ اسْتِخْدَامَهَا بَعْدَ تَغْرِيبِهَا.

وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِارْتِفَاعِ الْقَلَمِ عَنْهَا، وَهَلْ لَهَا إِذَا بَلَغَتْ أَنْ تُلَاعِنَ بَعْدَ لِعَانِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهَا أَنْ تُلَاعِنَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا بِلِعَانِ الزَّوْجِ حَدٌّ فَيَسْقُطُ بِلِعَانِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهَا أَنْ تُلَاعِنَ لِتَنْفِيَ بِلِعَانِهَا الْمَعَرَّةَ عَنْ نَفْسِهَا، وَهَذَا شَرْحُ مَذْهَبِنَا فِي وُجُوبِ حَدِّ الزِّنَا عَلَى الزَّوْجَةِ بِلِعَانِ الزَّوْجِ مَا لَمْ تُلَاعِنْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>