للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمِينِهِ وَلَا تُصَدَّقُ عَلَى فَسْخِ النِّكَاحِ وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ إِنَّ النِّكَاحَ مفسوخٌ حَتَى يَتَصَادَقَا (قال المزني) أشبه بقوله أن لا ينفسخ النكاح بقولها كما لم ينفسخ نصف المهر بقوله (قال المزني) وقد قال لو كان دخل بها فقالت انقضت عدتي قبل إسلامك وقال بل بعد فلا تصدق على فسخٍ ما ثبت له من النكاح ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: فِي زَوْجَيْنِ أَسْلَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ: أَسْلَمْنَا مَعًا فَنَحْنُ عَلَى النِّكَاحِ وَقَالَتِ الزَّوْجَةُ: لَا بَلْ أحدنا قبل صاحبه فلا نكاح بيننا ففيه قَوْلَانِ:

أَحَدُهَما: - وَهُوَ اخْتِيَارُ (الْمُزَنِيِّ) - أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي بَقَاءِ النِّكَاحِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَصْلَ ثُبُوتُهُ فَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَى إِسْقَاطِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الزَّوْجَيْنِ لَوِ اخْتَلَفَا بَعْدَ الدُّخُولِ فَقَالَ الزَّوْجُ: اجْتَمَعَ إِسْلَامُنَا فِي الْعِدَّةِ فَنَحْنُ عَلَى النِّكَاحِ وَقَالَتِ الزَّوْجَةُ: اجْتَمَعَ إِسْلَامُنَا بَعْدَ الْعِدَّةِ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ فِي بَقَاءِ النِّكَاحِ اعْتِبَارًا بِثُبُوتِ أَصْلِهِ كَذَلِكَ إِذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا، لِأَنَّ الدَّعْوَى إِذَا تَعَارَضَتْ، وَكَانَ الظَّاهِرُ مَعَ أَحَدِهِمَا غُلِّبَ دَعْوَى مَنْ سَاعَدَهُ الظَّاهِرُ كالمتداعيين داراً وهي فِي يَدِ أَحَدِهِمَا لَمَّا كَانَ الظَّاهِرُ مُسَاعِدًا لصاحب اليد منهما غلبت دعواه كذلك هاهنا تساوي دعواهما، والظاهر مساعد للزوجة منهما، ولأن اجتماع إسلامها حَتَّى لَا يَسْبِقَ لَفْظُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ بِحَرْفٍ مُتَعَذِّرٌ فِي الْغَالِبِ وَاخْتِلَافَهُمَا فِيهِ هُوَ الْأَظْهَرُ الْأَغْلَبُ فَوَجَبَ أَنَّ يُغَلَّبَ فِيهِ قَوْلُ مَنْ سَاعَدَهُ هَذَا الظَّاهِرُ وَهِيَ الزَّوْجَةُ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ يَمِينِهَا فِي وُقُوعِ الْفُرْقَةِ عُدُولًا عَنِ الْأَصْلِ بِظَاهِرٍ هُوَ أَخَصُّ، وَهَذَا بِخِلَافِ تَنَازُعِهِمَا فِي الْمَهْرِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِيهِ ظَاهِرٌ يُعْدَلُ بِهِ عَنِ الْأَصْلِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ حُكْمُ الْأَصْلِ.

فَصْلٌ

فَأَمَّا إِذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ الدُّخُولِ فَقَالَتِ الزَّوْجَةُ: أَسْلَمْتُ أَيُّهَا الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِي فَلَا نِكَاحَ بَيْنِنَا، وَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ أَسْلَمْتِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِكِ فَنَحْنُ عَلَى النِّكَاحِ فَالَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ: إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ فِي ثُبُوتِ النِّكَاحِ، وَنَصَّ فِي مَسْأَلَتَيْنِ على إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجَةِ فِي بُطْلَانِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ هَذَا:

إِحْدَاهُمَا: الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ إِذَا قَالَ الزَّوْجُ: رَاجَعْتُكِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِكِ فَنَحْنُ عَلَى النِّكَاحِ، وَقَالَتِ الزَّوْجَةُ: بَلِ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ رَجْعَتِكَ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَنَا، قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا وَلَا رَجْعَةَ.

وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا ارْتَدَّ الزَّوْجُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَاخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ: أَسْلَمْتِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِكِ فَنَحْنُ عَلَى النِّكَاحِ، وَقَالَتِ الزَّوْجَةُ بَلِ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ إِسْلَامِكَ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>