كَالَّذِي يَتَقَدَّرُ مِنَ الْمُوَضَّحَةِ وَشِجَاجِ الرَّأْسِ وَيَتَقَدَّرُ مِنَ الْجَائِفَةِ مِنْ جِرَاحِ الْجَسَدِ فَفِيهِ مِنَ الْعَبْدِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ أَصْلٌ فِيهَا لِلْحُرِّ فِي اعْتِبَارِهِ مِنْ نَقْصِ دِيَتِهِ. وَكُلُّ مَا كَانَ مُقَدَّرًا فِي الْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ كَانَ مُقَدَّرًا فِي الْعَبْدِ مِنْ قِيمَتِهِ فَعَلَى هَذَا فِي يَدَيِ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ لِأَنَّ فِي يَدَيِ الْحُرِّ دِيَتُهُ وَفِي إِحْدَى يَدَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لِأَنَّ فِي إِحْدَى يَدَيِ الْحُرِّ نِصْفُ دِيَتِهِ وَفِي إِحْدَى أَصَابِعِهِ عُشْرُ قِيمَتِهِ لِأَنَّ فِي إِحْدَى أَصَابِعِ الْحُرِّ عُشْرُ دِيَتِهِ ثُمَّ كَذَلِكَ فِي الشِّجَاجِ وَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ، وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُضْمَنُ الْعَبْدُ بِمُقَدَّرٍ إِلَّا فِي الشِّجَاجِ الْأَرْبَعَةِ الْمُوَضَّحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَهُوَ مَضْمُونٌ فِيمَا سِوَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ. وَدَلِيلُنَا عَلَيْهِ أَنَّ مَا تُقَدَّرُ فِي جِرَاحِ الْحُرِّ تُقَدَّرُ فِي جِرَاحِ الْعَبْدِ قِيَاسًا عَلَى الشِّجَاجِ الْأَرْبَعِ وَلِأَنَّ مَا تَقَدَّرَتِ الْجِنَايَةُ فِي شِجَاجِهِ تَقَدَّرَتِ الْجِنَايَةُ فِي أَطْرَافِهِ كَالْحُرِّ.
فَصْلٌ
: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَيْهِ مَضْمُونَةٌ بِمُقَدَّرٍ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ كَانَتْ بِجَمِيعِ قِيمَتِهِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى يَدَيْهِ فِيهَا جَمِيعُ قِيمَتِهِ وَكَالْجِنَايَةِ عَلَى ذَكَرِهِ تُوجِبُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ بِالْجِنَايَةِ أَضْعَافًا وَهَكَذَا لَوْ أَوْجَبَتِ الْجِنَايَةُ فِيمَا اسْتَحَقَّهَا عَلَى الْجَانِي وَالْعَبْدُ عَلَى مِلْكِهِ فَقَطْعُ ذَكَرِهِ وَأُنْثَيَيْهِ يُوجِبُ كُلٌّ مِنْهُمَا قِيمَتَهُ كَامِلَةً.
وَقَالَ أبو حنيفة إِنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ نِصْفَ الْقِيمَةِ فَمَا دُونُ أَخْذِهَا مِنَ الْعَبْدِ عَلَى مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ مَلَكَ الْجَانِي بِهَا الْعَبْدَ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ قِيمَتِهِ وَلَا يُوجِبُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُضْمَنَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَالْأَمْوَالِ، قَالَ وَلِأَنَّ فِي غُرْمِ الْقِيمَةِ وَرَدِّ الْعَبْدِ جَمْعًا بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.
وَدَلِيلُنَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْجَانِيَ لَا يَمْلِكُ الْعَبْدَ بِجِنَايَتِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا قَدْ تُوجِبُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ.
فَأَمَّا الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْجَانِيَ لَا يَمْلِكُ الْعَبْدَ بِجِنَايَتِهِ فَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَا لَمْ يُمْلَكْ بِهِ غَيْرُ الْعَبْدِ لَمْ يُمْلَكْ بِهِ الْعَبْدُ كَالْغَصْبِ وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ يُمْلَكْ بِالْجِنَايَةِ عَلَى نِصْفِهِ لَمْ يُمْلَكْ بِالْجِنَايَةِ عَلَى أَكْثَرِهِ كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمَكَاتَبِ. وَلِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى عَبْدٍ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُمْلَكَ بِهَا قِيَاسًا عَلَى مَنْ لَمْ يَزِدْ أَرْشُهُ عَلَى النِّصْفِ، وَلِأَنَّ جَمَاعَةً لَوِ اشْتَرَكُوا فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فِي أَكْثَرِ قِيمَتِهِ لَمْ يَمْلِكُوهُ فَكَذَلِكَ الْوَاحِدُ.
وَتَحْرِيرُهُ: أَنَّ كُلَّ جِنَايَةٍ لَا تَكُونُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ عِنْدَ الِاشْتِرَاكِ لَا تَكُونُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ قِيَاسًا عَلَى نَقْصٍ مِنَ النِّصْفِ وَأَمَّا الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّهَا قَدْ تُوجِبُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَقَدَّرَتِ الْجِنَايَةُ فِي أَطْرَافِهِ جَازَ أَنْ تَزِيدَ عَلَى ضَمَانِ نَفْسِهِ كَالْحُرِّ. وَلِأَنَّ كُلَّ مَا ضُمِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute