[باب الإحرام والتلبية]
[مسألة]
: قال الشافعي: " وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ الْإِحْرَامَ اغْتَسَلَ لِإِحْرَامِهِ مِنْ مِيقَاتِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، أَنْ يَغْتَسِلَ مِنْ مِيقَاتِهِ، لِرِوَايَةِ جَابِرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اغْتَسَلَ لِإِهْلَالِهِ ". وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: " لَمَّا صِرْنَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ نَفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن تغتسل لِلْإِهْلَالِ ". وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالطَّاهِرُ وَالْحَائِضُ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ أَسْمَاءَ بِالْغُسْلِ وَهِيَ نُفَسَاءُ، وَلَيْسَ الْغُسْلُ فَرْضًا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحْبَابٌ وَاخْتِيَارٌ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا تَرَكْتُ الْغُسْلَ لِلْإِهْلَالِ قَطُّ وَلَقَدْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ لَهُ مَرِيضًا فِي السَّفَرِ، وَإِنِّي أَخَافُ ضَرَرَ الْمَاءِ وَمَا صَحِبْتُ أَحَدًا أَقْتَدِي بِهِ فَرَأَيْتُهُ تَرَكَهُ وَلَا رَأَيْتُ أَحَدًا عَدَا بِهِ أَنْ رَآهُ اخْتِيَارًا.
فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ اخْتَرْنَا لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ، فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ تَرَكَ اخْتِيَارًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِعْلُهُ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَالْغُسْلُ مُسْتَحَبٌّ فِي الْحَجِّ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ، الْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ، وَالْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ، وَالْغُسْلُ لِوُقُوفِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَالْغُسْلِ لِلْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَالْغُسْلِ لِرَمْيِ الْجِمَارِ فِي أَيَّامِ مِنًى الثَّلَاثَةِ، وَلَا يَغْتَسِلُ لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ؛ لِأَنَّهُ رَمَى أَيَّامَ مِنًى، لَا يَفْعَلُ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ فِي وَقْتِ اشْتِدَادِ الْحَرِّ وَانْصِبَابِ الْعَرَقِ، فَكَانَ فِي الْغُسْلِ تَنْظِيفٌ لَهُ، وَجَمْرَةُ يَوْمِ النَّحْرِ، تُفْعَلْ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَقَبْلَ الزَّوَالِ، فِي وَقْتٍ لَا يُتَأَذَّى بِحَرِّهِ، فَلَمْ يُؤْمَرْ بِالْغُسْلِ لَهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاسْتُحِبَّ الْغُسْلُ مِنْ هَذَا عِنْدَ تَغْيِيرِ الْبَدَنِ بِالْعَرَقِ وَغَيْرِهِ تَنْظِيفًا لِلْبَدَنِ، وَزَادَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ الْغُسْلَ لِزِيَارَةِ الْبَيْتِ وحلق الشعر ولكواف الصدر، فجعل الغسل مستحباً على القديم على عَشَرَةِ مَوَاضِعَ.
فَصْلٌ
: وَيُخْتَارُ لِمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ أَنْ يَتَأَهَّبَ لِحَلْقِ شَعْرِهِ، وَتَنْظِيفِ جَسَدِهِ، لِرِوَايَةِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَأَهَّبُوا لِلْإِحْرَامِ بِحَلْقِ الْعَانَةِ وَنَتْفِ الإبط،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute