للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجِنَايَةِ، وَلَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ، بِقَدْرِ أَرْشِهَا لِأَنَّها مُقَدَّرَةٌ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى عَبْدٍ اسْتَحَقَّ فِيهَا الْقِيمَةَ فَيَذْكُرُ قَدْرَ قِيمَتِهِ لِيَعْلَمَ بِهَا دِيَةَ نَفْسِهِ وَأَطْرَافِهِ.

وَإِنْ كَانَتْ فِي جَنِينِ أَمَةٍ، ذَكَرَ فِي الدَّعْوَى قَدْرَ قِيمَتِهَا، لِأَنَّ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ عُشْرُ قِيمَتِهَا، ثُمَّ تُسْتَوْفَى شُرُوطُ الْمَقْصُودِ بِالدَّعْوَى فَهَذَا حُكْمُ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ.

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا دَعْوَى الِاعْتِرَاضِ فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى مَا فِي يَدِهِ.

وَالثَّانِي: إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ.

فَأَمَّا تَوَجُّهُ الدَّعْوَى إِلَى مَا فِي يَدِهِ، فَلَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ مُعَارَضَتِهِ، فَإِنْ كَانَتِ الْمُعَارَضَةُ بِمَا لَا يُسْتَضَرُّ بِهِ الْمُدَّعِي لَمْ تَصْحَّ الدَّعْوَى مِنْهُ.

وَإِنْ كَانَتْ بِمَا يُسْتَضَرُّ بِهِ الْمُدَّعِي إِمَّا بِمَدِّ الْيَدِ إِلَى مِلْكِهِ، وَإِمَّا بِمَنْعِهِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَإِمَّا بِمُلَازَمَتِهِ عَلَيْهِ، أَوْ بِقَطْعِهِ عَنْ أَشْغَالِهِ صَحَّتْ دَعْوَاهُ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَصِفَ الْمِلْكَ بِمَا يَصِيرُ بِهِ متعينا منقول وَغَيْرَ مَنْقُولٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

وَالثَّانِي: إِنَّهُ لَهُ وَفِي مِلْكِهِ، لِأَنَّ مَا لَا يَمْلِكُهُ، أَوْ لَمْ يَسْتَتِبُّهُ مَالِكُهُ فِيهِ لَا يُمْنَعُ من المعارضة فيه.

والثالث: أن يذكر المعارض لَهُ بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ، إِنْ كَانَ حَاضِرًا، أَوْ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ إِنْ كَانَ غَائِبًا.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يذكر المعارضة هَلْ هِيَ فِي الْمِلْكِ، أَوْ فِي نَفْسِهِ؟ لِأَجْلِ الْمِلْكِ لِافْتِرَاقِهِمَا فِي الْحُكْمِ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يذكر أنه عارضه بغير حق لأنه ربما استحق المعارضة بِرَهْنٍ، أَوْ إِجَارَةٍ حَتَّى لَا يَتَّقِيَ فِي دَعْوَاهُ مَا يَحْتَاجُ الْحَاكِمُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهُ لِيَعْدِلَ بِسُؤَالِهِ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

وَأَمَّا تَوَجُّهُ الدَّعْوَى إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ، لِأَنَّه قَدْ طُولِبَ بِمَا لَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ بِالْمُطَالَبَةِ ضَرَرٌ، لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى، وَإِنْ لَحِقَهُ بِهَا ضَرَرٌ، إِمَّا فِي نَفْسِهِ بِالْمُلَازِمَةِ، أَوْ فِي جَاهِهِ بِالْإِشَاعَةِ، وَإِمَّا فِي مَالِهِ بِالْمُعَارَضَةِ صَحَّتْ مِنْهُ الدَّعْوَى لِيَسْتَدْفِعَ بِهَا الضَّرَرَ وَصِحَّتُهَا مُعْتَبَرَةٌ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَذْكُرَ مَا طُولِبَ بِهِ، إِمَّا مُفَسَّرًا، أَوْ مُجْمَلًا، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالدَّعْوَى مَا سِوَاهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالْحَقِّ لَا تُرَدُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>