فَصْلٌ
وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي الْقِيمَةِ إِذَا نَقَصَتْ، فَيَدْخُلُ بِنُقْصَانِهَا دَوْرٌ عَلَى الْعِتْقِ يَزِيدُ بِهِ الرِّقُّ كَمَا دَخَلَ بِزِيَادَتِهَا دَوْرٌ عَلَى الرِّقِّ زَادَ بِهِ الْعِتْقُ.
فَإِذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ، فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ قَبْلَ قَبْضِ الْوَرَثَةِ حَتَّى صَارَتْ خَمْسِينَ، جَعَلْتُ لِلْعِتْقِ سَهْمًا، وَلِلْوَرَثَةِ سَهْمَيْنِ، وَقَدْ عَادَتِ الْقِيمَةُ إِلَى نِصْفِهَا، فَأَنْقُصُ مِنْ سَهْمِ الْعِتْقِ نِصْفَهُ يَبْقَى سَهْمَانِ وَنِصْفٌ، فَأَقْسِمُ التَّرِكَةَ عَلَيْهَا، وَهِيَ خَمْسُونَ يَخْرُجُ قِسْطُ نِصْفِ السَّهْمِ خُمُسَهَا، فَأَعْتِقُ خُمُسَهُ، وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْعِتْقِ عِشْرُونَ، وَأَسْتَرِقُّ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ، وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْمَوْتِ أَرْبَعُونَ، وَهُوَ مِثْلَا مَا خَرَجَ بِالْعِتْقِ.
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يُحْتَسَبُ عَلَى الْعَبْدِ نُقْصَانُ قِيمَتِهِ، كَمَا لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَيُعْتَقُ ثُلُثُهُ وَيَرِقُّ ثُلُثَاهُ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا احْتُسِبَ لَهُ زِيَادَةُ قِيمَتِهِ حَتَّى زَادَ فِي دَوْرِ عِتْقِهِ، وَجَبَ أَنْ يُحْتَسَبَ عَلَيْهِ نُقْصَانُهَا لِيَزِيدَ فِي دَوْرِ رِقِّهِ. وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَمِائَةٍ، فَنَقَصَتْ حَتَّى صَارَتْ مِائَتَيْنِ، جَعَلْتُ لَهُ بِالْعِتْقِ سَهْمًا، وَلِلْوَرَثَةِ سَهْمَيْنِ، وَقَدْ عَادَ عليه من نقصان القيمة ثلاثة أخماسها، فأنقضها مِنْ سَهْمِ عِتْقِهِ، يَبْقَى لَهُ خُمْسَا سَهْمٍ، فَأَقْسِمُ الْقِيمَةَ عَلَى سَهْمَيْنِ وَخُمْسَيْنِ، يَكُنِ الْخُمْسَانِ مِنْهَا السُّدْسُ، لِأَنَّ مَبْسُوطَهَا اثْنَا عَشَرَ خُمْسًا، وَيُقَرُّ سَهْمُ الْعِتْقِ، فَأَعْتِقُ سُدْسَهُ، وَقِيمَةُ السُّدْسِ مِنَ الْخُمْسَيْنِ مِائَةٌ وَثُلُثُهُ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَيَرِقُّ الْوَرَثَةُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ، وَقِيمَتُهَا مِنَ الْمِائَتَيْنِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، مِثْلَا مَا خَرَجَ بِالْعِتْقِ.
وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ عِتْقِهِ سِتَّمِائَةٍ، فَنَقَصَتْ حَتَّى صَارَتْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَكَسْبُ الْعَبْدِ ثَلَاثُمِائَةٍ فَأَجْبُرُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ بِزِيَادَةِ الْكَسْبِ، وَأَعْتِقُ ثُلُثَهُ، وَقِيمَتُهُ مِنَ السِّتِّمِائَةِ، مِائَتَانِ يَمْلِكُ بِهِ ثُلُثَ كَسْبِهِ مِائَةً فَيَرِقُّ ثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ، وَقِيمَتُهُ مِنَ الثَلَاثِمِائَةِ مِائَتَانِ، وَلَهُمْ بِهِ ثُلُثَا كَسْبِهِ مِائَتَانِ، يَصِيرُ مَعَهُمْ أَرْبَعُمِائَةٍ وَهِيَ مِثْلَا مَا خَرَجَ بِالْعِتْقِ.
وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سِتُّمِائَةٍ، فَنَقَصَتْ حَتَّى صَارَتْ أَرْبَعَمِائَةٍ وَكَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ مِائَةٌ، فَأضْمُمِ الدَّيْنَ إِلَى نُقْصَانِ الْقِيمَةِ، يَصِيرُ الْبَاقِي مِنْهَا ثَلَاثَمِائَةٍ فَأَجْعَلُ لِلْعِتْقِ سَهْمًا، وَلِلْوَرَثَةِ سَهْمَيْنِ، وَأَنْقُصُ مِنْ سَهْمِ الْعِتْقِ نَصِفَهُ يَعُودُ النُّقْصَانُ إِلَى نِصْفِهِ، يَبْقَى سَهْمَانِ وَنِصْفٌ يَكُونُ نصف سهم العتق منها خمسها، فأعتق من خُمْسَهُ، وَقِيمَتُهُ مِنَ السِّتِّمِائَةِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ، وَأَقْضِي الْمِائَةَ الدَّيْنَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَهِيَ أَرْبَعُمِائَةٍ يَبْقَى ثَلَاثُمِائَةٍ لِلْوَرَثَةِ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ، وَهِيَ مِثْلَا مَا خَرَجَ بِالْعِتْقِ.
وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ وَالْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ، وَهُمَا جَمِيعًا مِنَ الثُّلُثِ لَكِنَّ عِتْقَ الْمَرَضِ مُقَدَّمٌ عَلَى عِتْقِ الْوَصِيَّةِ، فَإِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ، وَوَصَّى بِعِتْقِ آخَرَ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يُعَيَّنَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ فِي الْمَرَضِ، وَالْعَبْدُ الْمُعْتَقُ بِالْوَصِيَّةِ، فَيَقُولُ: هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute