حَالُ الْوَفَاةِ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي مُسْتَهَلِّ شَهْرٍ أَوْ فِي تَضَاعِيفِهِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي مُسْتَهَلِّ شَهْرٍ وَمَعَ أَوَّلِ هِلَالِهِ اعْتَدَّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بِالْأَهِلَّةِ بِحَسَبِ وَجُودِهَا مِنْ كَمَالٍ وَنُقْصَانٍ ثُمَّ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَإِنْ كَانَ فِي تَضَاعِيفِ الشَّهْرِ اعْتَدَّتْ بَاقِيَهُ، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ احْتَسَبَتْهَا وَاعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَهَا بِالْأَهِلَّةِ ثُمَّ اسْتَكْمَلَتْ شَهْرَ الْوَفَاةِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا عَدَدًا سَوَاءٌ كَانَ كَامِلًا أَوْ نَاقِصًا فَتَأْتِي مِنَ الشَّهْرِ الرَّابِعِ بِعِشْرِينَ يَوْمًا تَكْمِلَةَ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَاضِي مِنْهُ عِشْرِينَ يَوْمًا لِكَمَالِهِ، أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِنُقْصَانِهِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ كَمَالِ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ إِلَى مِثْلِ سَاعَةٍ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ زَوْجُهَا فَإِنْ قِيلَ، فلما زِيدَ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ قِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِتَمَسُّكِهِ بِعِصْمَتِهَا وَحِفْظِهِ لِزِمَامِهَا بِخِلَافِ الْمُطَلِّقِ الَّذِي أَبَتَّ عِصْمَتَهَا وَقَطَعَ زِمَامَهَا فَجُوزِيَ عَلَيْهِ بِالزِّيَادَةِ فِيهَا لِحِفْظِ حُرْمَتِهِ وَالرِّعَايَةِ لِحُسْنِ صُحْبَتِهِ.
وَالثَّانِي: لِيَكُونَ فَقْدُ الزَّوْجِ فِي اسْتِيفَاءِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مَجْبُورًا بِالزِّيَادَةِ فِي عِدَّتِهَا فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ قَدَّرَهَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، قِيلَ: لِمَصْلَحَةٍ اسْتَأْثَرَ بِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ الزَّمَانِ الَّذِي يَتَكَامَلُ فِيهِ خَلْقُ الْوَلَدِ وَيُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " يَكُونُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ نُطْفَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ " فَصَارَ نَفْخُ الرُّوحِ فِي الْعَشْرِ الَّتِي بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَلِذَلِكَ قُدِّرَتْ بِأَرْبَعَةِ أشهر والله أعلم.
[(مسألة)]
قال الشافعي: " وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَأْتِيَ فِيهَا بِحَيْضٍ كَمَا لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَأْتِيَ فِي الْحَيْضِ بِشُهُورٍ وَلِأَنَّ كُلَّ عِدَّةٍ حَيْثُ جَعَلَهَا اللَّهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: لَا يُعْتَبَرُ الْحَيْضُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَإِذَا اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَلَمْ تَرَ فِيهَا حَيْضًا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ عَادَتَهَا الْحَيْضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَمْ لَا؟ .
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنْ تَحِيضَ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالشُّهُورِ، وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهَا حَيْضَةً، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أن تحيض في شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ حَيْضَةً لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ إِذَا لَمْ تَكُنْ مِنْهَا حَيْضَةٌ وَمَكَثَتْ مُعْتَدَّةً بَعْدَهَا حَتَّى تَحِيضَ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ تَأَخُّرَ حَيْضِهَا رِيبَةٌ وَالْمُسْتَرِيبَةُ تَمْكُثُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ حَتَّى تَزُولَ رِيبَتُهَا كَالْمُعْتَدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ، وَهَذَا خَطَأٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] . فَاقْتَضَى الظَّاهِرُ أَنْ لَا يَتَرَبَّصْنَ أَكْثَرَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute