للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْطَعُ السَّارِقُ بِهَا خِلَافَ الشَّاهِدَيْنِ، لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ حُجَّةٌ كَامِلَةٌ فَتَعَارَضَ فِيهَا قَوْلُ الْمُثْبِتِ وَالنَّافِي، وَالشَّاهِدُ الْوَاحِدُ لَيْسَ حُجَّةً إِلَّا مَعَ الْيَمِينِ، فَإِذَا انْضَمَّتْ إِلَى أَحَدِهِمَا كَمَلَتِ الْحُجَّةُ وَنَقَصَتْ عَنْهَا الْأُخْرَى، فَحَكَمَ بِالْحُجَّةِ عَلَى مَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ.

( [الْقَوْلُ فِي اخْتِلَافِ الشُّهُودِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ] )

(فَصْلٌ)

: وَإِذَا كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ بَاعَهُ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ، وَشَهِدَ شَاهِدَانِ آخَرَانِ أَنَّهُ بَاعَهُ ذَلِكَ الْعَبْدَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بِأَلْفَيْنِ، تَعَارَضَتِ الشَّهَادَتَانِ وَرُدَّتَا.

وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ بَاعَهُ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بِأَلْفَيْنِ، فَفِي تَعَارُضِهِمَا وَجْهَانِ عَلَى مَا مَضَى:

أَحَدُهُمَا: قَدْ تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا.

وَالثَّانِي: لَا تَعَارُضَ فِيهِمَا، وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ بِالْأَلْفَيْنِ.

وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ بَاعَهُ عَبْدًا تُرْكِيًّا بِأَلْفٍ، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ بَاعَهُ عَبْدًا رُومِيًّا بِأَلْفَيْنِ، فَلَا تَعَارُضَ فِي الشَّهَادَتَيْنِ فَيَحْكُمُ لَهُ بِبَيْعِ التُّرْكِيِّ بِأَلْفٍ وَبَيْعِ الرُّومِيِّ بِأَلْفَيْنِ.

وَلَوِ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ، فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَهُ عَبْدًا تُرْكِيًّا بِأَلْفٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ عَبْدًا رُومِيًّا بِأَلْفَيْنِ، فَلَا تَعَارُضَ فِيهِمَا وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَحْكُمُ لَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ بِبَيْعِ التُّرْكِيِّ بِأَلْفٍ وَالرُّومِيِّ بِأَلْفَيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ)

: قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا لَمْ يَحْكُمُ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ حَتَى يَحْدُثَ مِنْهُ مَا تُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ رَدَّهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ بِحَقٍّ ثُمَّ فُسِّقَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا رُدَّتِ الشَّهَادَةُ وَلَمْ يُحْكَمْ بِهَا، وَهَذَا هُوَ قول جمهور الفقهاء.

وحكي عن أبي ثور وَالْمُزَنِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: يَحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَا تُرَدُّ اعتبارا بحال الأداء.

وَهَذَا خَطَأٌ لِقَوْلِ [اللَّهِ] تَعَالَى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: ٦] .

فَاقْتَضَى الظَّاهِرُ أَنْ تُعْتَبَرَ الْعَدَالَةُ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَعِنْدَ الْحَاكِمِ.

وَلِأَنَّ عَدَالَةَ الْبَاطِنِ مَظْنُونَةٌ، فَإِذَا ظَهَرَ الْفِسْقُ رَفْعَ مَا ظُنَّ بِبَاطِنِهِ مِنَ الْعَدَالَةِ، وَدَلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>