للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْمُ الْقَرَابَةِ فِي الْعُرْفِ جَامِعًا لَهُمْ، لِأَنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ فِي سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى لَمْ يَخُصَّ قَرِيبًا مِنْ بَعِيدٍ فَبَطَلَ بِهِ قَوْلُ أبي حنيفة حيث جعل ذلك لذوي الأرحام الْمَحَارِمِ وَبَطَلَ بِهِ قَوْلُ أَبِي يوسف حَيْثُ جَعَلَهُ لِمَنْ جَمَعَهُ أَوَّلُ أَبٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَلِأَنَّ اسْمَ الْقَرَابَةِ يَنْطَلِقُ فِي الْعُرْفِ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ مِنَ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ، فَبَطَلَ بِهِ قول مالك لأن مطلق كلام الموصي محمول على العرف شرعا أو عادة وعرفها جميعا بما قُلْنَا.

فَصْلٌ:

فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا انْطَلَقَ عليه اسم القرابة عرفا وهو الْمُعْتَبَرُ. فَاعْتِبَارُهُ أَنْ يُنْظَرَ فِي الْمُوصِي، فَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا خَرَجَ مِنْهُ الْعَجَمُ، وَلَمْ يُدْفَعْ إِلَى كُلِّ الْعَرَبِ حَتَّى يُقَالَ مِنْ أَيِّهِمْ، فَإِذَا قِيلَ مِنْ مُضَرَ، قِيلَ مِنْ أَيِّهِمْ وَلِمَ يُدْفَعُ إِلَى جَمِيعِ مُضَرَ، فَإِذَا قِيلَ مِنْ قُرَيْشٍ لَمْ يُدْفَعْ إِلَى جَمِيعِهِمْ وَقِيلَ من أي قريش فإذا قيل بَنِي هَاشِمٍ لَمْ يُدْفَعْ إِلَى جَمِيعِهِمْ وَقِيلَ من أي بني هاشم.

فإذا قيل عباس لَمْ يُدْفَعْ إِلَى كُلِّ عَبَّاسِيٍّ، وَإِنْ قِيلَ طَالِبِيٌّ: لَمْ يُدْفَعْ إِلَى كُلِّ طَالِبِيٍّ. فَإِذَا قيل في العباس مَنْصُورِيٌّ: لَمْ يُدْفَعْ إِلَى جَمِيعِهِمْ حَتَّى يُقَالَ من بني المأمون، أو من بَنِي الْمُهْتَدِي، فَيَدْفَعُ ذَلِكَ إِلَى آلِ الْمَأْمُونِ وَآلِ الْمُهْتَدِي.

فَإِنْ قِيلَ فِي الْمُطَّلِبي إنَّهُ عَلَوِيٌّ لَمْ يُدْفَعْ إِلَى جَمِيعِهِمْ حَتَّى يُقَالَ مِنْ أَيِّهِمْ. فَإِذَا قِيلَ حُسَيْنِيٌّ لَمْ يُدْفَعْ إِلَى جَمِيعِهِمْ حَتَّى يُقَالَ مِنْ أَيِّهِمْ. فَإِذَا قِيلَ زَيْدِيٌّ أَوْ مُوسَوِيٌّ دُفِعَ ذَلِكَ إِلَى آلِ زَيْدٍ وَآلِ مُوسَى.

وَقَدْ شَبَّهَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِنَسَبِهِ، وَسَوَاءٌ اجْتَمَعُوا إِلَى أَرْبَعَةِ آبَاءٍ، أَوْ أَبْعَدَ.

وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّ من اجتمع معه من الْأَبِ الرَّابِعِ كَانَ مِنْ قَرَابَتِهِ.

وَمَنِ اجْتَمَعَ بَعْدَ الرَّابِعِ خَرَجَ مِنَ الْقَرَابَةِ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ الرابع جعل قرابة مَنِ اجْتَمَعَ مَعَهُ فِي الْأَبِ الرَّابِعِ.

وَهَذَا خطأ، لأن جَعْلَهُمْ قَرَابَةً اعْتِبَارًا بِالنَّسَبِ الْأَشْهَرِ لَا تَعْلِيلًا بِالْأَبِ الرَّابِعِ.

فَصْلٌ:

وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ قَرَابَتُهُ من قبل أبيه أو قرابته من جهة أمه فتعتبر قرابة أمه كما اعتبرنا قَرَابَةَ أَبِيهِ.

وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: لِذَوِي أَرْحَامِي فهو كقوله لقرابته، فَيُدْفَعُ إِلَى مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْقَرَابَةَ: مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَذَوِي الْأَرْحَامِ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ.

وَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّ عُرْفَ النَّاسِ فِي الِاسْمَيْنِ يَنْطَلِقُ عَلَى مَنْ كَانَ مِنَ الْجِهَتَيْنِ.

فَصْلٌ:

وَسَوَاءٌ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ قَرِيبًا أَوْ بعيدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>