للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَزْلِهِ وَلَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ الصَّبِيِّ إِذَا صَارَ رَجُلًا.

فَإِنْ لَمْ يَعُدِ الْقَاضِي إِلَى وِلَايَتِهِ كَانَ كَمَوْتِهِ فِي بِرِّ الْحَالِفِ وَحِنْثِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، لِاحْتِمَالِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: " إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ خَشِيتُ أَنْ يَحْنَثَ إِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنِ احْتِمَالِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ، وَلَوْ حَنَّثَ نَفْسَهُ وَرَعًا كَانَ أَحْوَطَ ".

فَهَذَا حُكْمُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ.

وَأَمَّا حُكْمُ الْقِسْمِ الثَّانِي، فَهُوَ أَنْ لَا يُعَيِّنَهُ، وَلَا يَصِفَهُ بِالْقَضَاءِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أرفعه إِلَى فُلَانٍ أَوْ إِلَى هَذَا، فَهَذَا يلزمه رفعه إليه في ولايته وعزله، فَيَبِرُّ إِذَا رَفَعَهُ إِلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ، وَيَحْنَثُ إِذَا لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ، وَلَا يَلْزَمُهُ رَفْعُهُ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْقُضَاةِ، وَلَا يَبِرُّ إِنْ رَفَعَهُ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ يَصِفَهُ بِالْقَضَاءِ، وَلَا يُعَيِّنَهُ، فَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أَرْفَعُهُ إِلَى الْقَاضِي أَوْ إِلَى قَاضٍ، فَلَا يَبِرُّ إِنْ رَفَعَهُ إِلَى مَعْزُولٍ، وَلَا يَسْقُطُ بِعَزْلِ قَاضِي الْوَقْتِ وَمَوْتِهِ، وَقَامَ غَيْرُهُ مِنَ الْقُضَاةِ مَقَامَهُ لِعَقْدِ الْيَمِينِ عَلَى وَالِي الْقَضَاءِ، ثُمَّ يُنْظَرُ.

فَإِنْ قَالَ: أَرْفَعُهُ إِلَى الْقَاضِي، بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ لَزِمَهُ رَفْعُهُ إِلَى مَنْ تَقَلَّدَ قَضَاءَ ذَلِكَ الْبَلَدِ دُونَ غَيْرِهِ، فَإِنْ رَفَعَهُ إِلَى غَيْرِهِ مِنْ قُضَاةِ الْأَمْصَارِ لَمْ يَبِرَّ، وَإِنْ قَالَ: إِلَى قاضٍ، بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَجَازَ أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَى مَنْ شَاءَ مِنْ قُضَاةِ الْأَمْصَارِ، وَكَانَ يَرْفَعُهُ إِلَيْهِ بَارًّا، لِأَنَّ دُخُولَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ تَعْرِيفٌ وَحَذْفَهَا إِبْهَامٌ، وَاللَّهُ أعلم.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " وَلَوْ حَلَفَ مَا لَهُ مالٌ وَلَهُ عرضٌ أَوْ دينٌ حَنَثَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَحْنَثُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْأَمْوَالَ ضَرْبَانِ: أَعْيَانٌ، وَدُيُونٌ.

فَأَمَّا الْأَعْيَانُ فَجَمِيعُهَا أَمْوَالٌ مُتَمَوَّلَةٌ إِذَا صَحَّ أَنْ تُمْلَكَ بِعِوَضٍ، وَيُزَالُ الْمِلْكُ عَنْهَا بِعِوَضٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنَ الْأَعْيَانِ الْمُزَكَّاةِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَوَاشِي وَالزُّرُوعِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُزَكًّى كَالثِّيَابِ وَالْأَثَاثِ وَالْعَقَارِ.

فَإِذَا حَلَفَ مَا لَهُ مالٌ حَنِثَ بِجَمِيعِهَا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْمَالُ مَا وَجَبَ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَلَيْسَ بِمَالٍ مَا لَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: الْمَالُ هُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ دُونَ غَيْرِهِمَا، وَلَا يَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ إِلَّا بِهِمَا، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهُ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً) {التوبة: ١٠٣) ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) {المعارج: ٢٤) ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>