للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ نِيَّتُهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ قَاضِيًا فَلَا يَجِبُ رَفْعُهُ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نيةٌ خَشِيتُ أَنْ يَحْنَثَ إِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَيْهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. إِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَرْفَعَ إِلَى الْقَاضِي مَا رَآهُ مِنْ لُقَطَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ مُنْكَرٍ، فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُعَيِّنَ الْقَاضِي، وَيَصِفَهُ بِالْقَضَاءِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُعَيِّنَهُ، وَلَا يَصِفَهُ بِالْقَضَاءِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَصِفَهُ بِالْقَضَاءِ، وَلَا يُعَيِّنَهُ.

فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: إِذَا وَصَفَهُ وَعَيَّنَهُ بِالْقَضَاءِ، فَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أَرْفَعُهُ إِلَى فُلَانٍ الْقَاضِي أَوْ إِلَى هَذَا الْقَاضِي، فَلِلْحَالِفِ فِيمَا رَآهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَيْهِ فِي وِلَايَتِهِ، فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، لِوَفَائِهِ بِهَا.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يَرْفَعَهُ إِلَيْهِ، حَتَّى يَمُوتَ الْقَاضِي أَوِ الْحَالِفُ، فَيُنْظَرُ.

فَإِنْ كَانَ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ إِلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ إِلَيْهِ نُظِرَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لِقُصُورِ الزَّمَانِ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّ زَمَانَ الْإِمْكَانِ شَرْطٌ فِي الْبِرِّ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ لِعُذْرٍ مَانِعٍ مِنْ إِكْرَاهٍ أَوْ مَرَضٍ، فَفِي حِنْثِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُرَاعِي الْغَلَبَةَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُرَاعِي الْغَلَبَةَ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُعْزَلَ الْقَاضِي عَنْ وِلَايَتِهِ، فَلَا يَخْلُو الْحَالِفُ فِي تَعْيِينِ القاضي بالاسم، والقضاء على ثلاثة؛ واحوال:

أحدهما: أَنْ يُرِيدَ رَفْعَهُ إِلَيْهِ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ، فَيَجْعَلَ الْوِلَايَةَ شَرْطًا فِي الرَّفْعِ، فَيَجْرِي عَزْلُهُ عَنْهَا مَجْرَى مَوْتِهِ فِي الْحُكْمِ فِيهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَيْهِ حَتَّى مَاتَ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُرِيدَ رَفْعَهُ إِلَيْهِ وَلَا يَجْعَلُ الْوِلَايَةَ شَرْطًا فَيَرْفَعُهُ إِلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ، وَيَكُونُ كَحَالِهِ لَوْ كَانَ عَلَى وِلَايَتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ رَفْعُهُ إِلَى الْوَالِي بَعْدَهُ، وَلَا يَبَرُّ إِنْ رَفَعَهُ إِلَيْهِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا تَكُونَ له نية في ولاية، ولا عزل، فهو يُعْتَبَرُ فِيهِ حُكْمُ التَّعْيِينِ أَوْ حُكْمُ الصِّفَةِ على وجهين:

الأول: فمن حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ صَبِيًّا، فَكَلَّمَهُ رَجُلًا، أَحَدُهُمَا يَغْلِبُ فِيهِ حُكْمُ التَّعْيِينِ لِقُوَّتِهِ، فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ رَفْعُهُ إِلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى وِلَايَتِهِ، وَيَحْنَثُ بِكَلَامِ الصَّبِيِّ إِذَا صَارَ رَجُلًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَغْلِبُ فِيهِ حُكْمُ الصِّفَةِ، لِأَنَّهَا كَالشُّرُوطِ فَلَا يَبَرُّ إِنْ رَفَعَهُ إِلَيْهِ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>