فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا صَحَّ مِنْهُ النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْإِقْرَارُ، وَأُقِيمَتْ إِشَارَتُهُ فِيهِ مَقَامَ النُّطْقِ.
قِيلَ: هَذَا الْجَمْعُ لَيْسَ بِلَازِمٍ لِوُجُودِ الضَّرُورَةِ فِيمَا يَخُصُّهُ مِنَ الْعُقُودِ الَّتِي جُعِلَ إِشَارَتُهُ كَنُطْقِهِ فِيهَا وَعَدَمُ الضَّرُورَةِ فِي الشَّهَادَةِ الَّتِي تَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ، أَنْ تُجْعَلَ إِشَارَتُهُ فِيهَا كَنُطْقِهِ لِإِمْكَانِ وُجُودِ النُّطْقِ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ.
(مَسْأَلَةٌ)
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَكَذَلِكَ يَشْهَدُ عَلَى عَيْنِ الْمَرْأَةِ وَنَسَبِهَا إِذَا تَظَاهَرَتْ لَهُ الْأَخْبَارُ مِمَّنْ يُصَدَّقُ بِأَنَّهَا فُلَانَةٌ وَرَآهَا مَرَّةً وَهَذَا كُلُّهُ شَهَادَةٌ بِعِلْمٍ كَمَا وَصَفْنَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ بِنَسَبِ امْرَأَةٍ كَانَتِ الشَّهَادَةُ أَغْلَظَ مِنْهَا فِي نَسَبِ الرَّجُلِ، لِبُرُوزِ الرَّجُلِ وَخَفَرِ الْمَرْأَةِ وَإِبَاحَةِ النَّظَرِ إِلَى الرَّجُلِ، وَتَحْرِيمُهُ فِي الْمَرْأَةِ، فَصَارَتْ بِهَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ أَغْلَظَ فَاحْتَاجَ فِي الْعِلْمِ بِنَسَبِهَا إِلَى أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَعْرِفَةُ عَيْنِهَا بِالْمُشَاهَدَةِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ وُجُوهٍ: مِنْهَا أَنْ يَرَاهَا فِي صِغَرِهَا، وَقَبْلَ بُلُوغِهَا فِي حَالَةٍ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهَا، فَيَثْبُتُ مَعْرِفَةُ عَيْنِهَا فِي الصِّغَرِ حَتَّى لَمْ تَخْفَ عَلَيْهِ فِي الْكِبَرِ.
وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ ذَوِي مَحَارِمَ يَسْتَبِيحُ النَّظَرَ إِلَيْهِنَّ فَيَعْرِفُهَا بِالْمُشَاهَدَةِ وَالنَّظَرِ.
وَمِنْهَا أَنْ يَكْثُرَ دُخُولُهَا عَلَى نِسَاءِ أَهْلِهِ فَيَقُلْنَ لَهُ هَذِهِ فُلَانَةٌ، فَيَعْرِفُ شَخْصَهَا بِمَا يَتَّفِقُ لَهُ مِنْ نَظْرَةٍ بَعْدَ نَظْرَةٍ لَمْ يَقْصِدْهَا، فَيَصِيرُ عَارِفًا بِهَا.
فَأَمَّا مِعْرِفَةُ كَلَامِهَا، فَلَا يَصِيرُ بِهِ عَارِفًا لَهَا لِاشْتِبَاهِ الْأَصْوَاتِ، وَمِنْهَا أَنْ يَتَعَمَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا حَتَّى يَعْرِفَهَا، فَهَذَا مُوجِبٌ لِمَعْرِفَتِهَا، لَكِنْ إِنْ نَظَرَ إِلَى مَا يُجَاوِزُ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا كَانَ فِسْقًا تُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ، فَتُقْبَلُ وَإِنْ نَظَرَ إِلَى وَجْهِهَا مُتَعَمِّدًا لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا بَعْدَ مَعْرِفَتِهَا كَانَ عَلَى عَدَالَتِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ نَظَرَ إِلَى وَجْهِهَا عَمْدًا لِشَهْوَةٍ كَانَ فِسْقًا تُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ تَعَمَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا لِغَيْرِ شَهْوَةٍ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ لَعَلِيٍّ: " لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فإن الأولة لَكَ وَالثَّانِيَةَ عَلَيْكَ " فِيهِ تَأْوِيلَانِ يَخْتَلِفُ حُكْمُ عدالته باختلافهما:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute