للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ هَلَاكُهُمْ مَضْمُونًا كَالْقَتْلِ الَّذِي يُوجِبُ ضَمَانَ قِيمَتِهِمْ عَلَى قَاتِلِهِمْ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَتْلُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي: فَالْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَهُمْ، ثُمَّ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُعْطُوهُ قِيمَةَ أَيِّهِمْ شَاءُوا، كَمَا كَانَ لَهُمْ مَعَ بَقَائِهِمْ أَنْ يعطوا أَيَّهُمْ شَاءُوا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَتْلُهُمْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَفِي الْوَصِيَّةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: جَائِزَةٌ، لِأَنَّ الْقَيِّمَةَ بَدَلٌ مِنْهُمْ، فَصَارَ كَوُجُودِهِمْ فَعَلَى هَذَا يُعْطُونَهُ قِيمَةَ أَيِّهِمْ شَاءُوا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا بَاطِلَةٌ، لِأَنَّ انْتِقَالَهُمْ إِلَى الْقِيمَةِ فِي الْقَتْلِ كَانْتِقَالِهِمْ إِلَى الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، فَلَمَّا كَانَ بَيْعُهُمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي مُوجِبًا لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ كَذَلِكَ قَتْلُهُمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي موجبا لبطلان الوصية.

ومن قال بالوجه الأول يُفَرِّقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْقَتْلِ.

بِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ بِاخْتِيَارِ الْمُوصِي، فَكَانَ رُجُوعًا. وَالْقَتْلُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، فَلَمْ يَكُنْ رُجُوعًا.

فَصْلٌ:

وَإِنْ هَلَكَ بَعْضُهُمْ وبقي بعضهم كأنهم هلكوا جميعا إلا واحدا مِنْهُمْ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ مِنْهُمْ بِالْمَوْتِ دُونَ الْقَتْلِ: فَالْوَصِيَّةُ قد بقيت في العبيد الْبَاقِي، وَلَا خِيَارَ لِلْوَرَثَةِ فِي الْعُدُولِ بِهَا إِلَى غَيْرِهِ، لِتَعْيِينِهَا فِي رَقِيقِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ هَلَاكُهُمْ بِالْقَتْلِ الْمَضْمُونِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَتْلُهُمْ قَبْلَ مَوْتِ الموصي، فالوصية بقيت فِي الْعَبْدِ الْبَاقِي، وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَعْدِلُوا بِهَا إِلَى قِيمَةِ أَحَدِ الْمَقْتُولِينَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّ بَقَاءَ الْجِنْسِ للموصى بِهِ، يَمْنَعُ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى غَيْرِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَتْلُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْوَصِيَّةَ مُتَعَيِّنَةٌ فِي الْعَبْدِ الْبَاقِي فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَعْدِلُوا بِهَا إِلَى قِيمَةِ أَحَدِ الْمَقْتُولِينَ، كَمَا لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْقَتْلُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ لِلْوَرَثَةِ الْخِيَارَ فِي أَنْ يُعْطُوهُ الْعَبْدَ الْبَاقِيَ، أَوْ يَعْدِلُوا بِهِ إِلَى قيمة أحد المقتولين، كما لَهُمُ الْخِيَارُ لَوْ قُتِلُوا جَمِيعًا فِي أَنْ يُعْطُوهُ قِيمَةَ أَيِّهِمْ شَاءُوا.

فَصْلٌ:

فَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ ثَلَاثَةُ عَبِيدٍ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِهِمْ، اسْتَحَقَّ من كل واحد الثلث، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدُهُمْ كَامِلًا، إِلَّا أَنْ تراضيه الورثة عليه سلما.

فَصْلٌ:

وَلَوْ قَالَ لِوَرَثَتِهِ: اسْتَخْدِمُوا عَبْدِي سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي، ثُمَّ هُوَ بَعْدَ السَّنَةِ وَصِيَّةٌ لِفُلَانٍ جَازَ وَلَمْ تُقَوَّمْ خِدْمَةُ السَّنَةِ عَلَى الْوَرَثَةِ فِي حَقِّهِمْ لِأَنَّهُمْ قَبْلَ السَّنَةِ اسْتَخْدَمُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>