للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي اخْتَرْتُهُ يَسْتَحِقُّهَا، وَإِنْ بَلَغَ، ذَلِكَ وَزَادَ عَلَيْهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُشْرِكُ مِنَ الْغُنْمِ سَهْمًا، وَلَا رَضْخًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ بِغَيْرِ جَعَالَةٍ، فَكَانَ أَوْلَى أَنْ لَا يَسْتَحِقَّهُ مَعَ الْجَعَالَةِ.

(فَصْلٌ)

: وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُجْعَلَ لِجَمِيعِ مَنْ غَزَا مَعَهُ أَلْفُ دِينَارٍ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَالُ فِي الذِّمَّةِ فَيَدْخُلُ فِي الْجَعَالَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ غَزَا مِنَ الْمُتَطَوِّعَةِ دُونَ مُرْتَزِقَةِ أَهْلِ الْفَيْءِ وَيَدْخُلُ فِيهَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَهْلُ الذِّمَّةِ دُونَ الْمُعَاهَدِينَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْجَعَالَةِ الْمُفْرَدَةِ ثُمَّ يُقْسَمُ ذلك بين جمعيهم من المسلمين وأهل الذمة على أعداد رؤوسهم، قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا، وَلَا يُفَضَّلُ مُسْلِمٌ عَلَى ذِمِّيٍّ وَلَا مَنْ يُسْهَمُ لَهُ عَلَى مَنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهَا مِنَ الْعَبِيدِ الْمَأْذُونِ لَهُمْ إِلَّا مَنْ لَا يَدْخُلُ فِيهَا سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا يَمْلِكُ فَيَصِيرُ سَيِّدُهُ بِذَلِكَ مُفَضَّلًا عَلَى غَيْرِهِ وَوُجُوبُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ تَمْنَعُ مِنَ التَّفْضِيلِ، بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ الْمُفْرَدَةِ.

وَأَمَّا النِّسَاءُ فَإِنْ جُعِلَتْ عَلَى الْقِتَالِ دَخَلْنَ، وَإِنْ جُعِلَتْ عَلَى الْغَزْوِ لَمْ يَدْخُلْنَ كَالْجَعَالَةِ الْمُفْرَدَةِ.

فَأَمَّا الصِّبْيَانُ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا أَوْلِيَاؤُهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا كَالْجَعَالَةِ الْمُفْرَدَةِ وَإِنْ دَخَلَ فِيهَا أَوْلِيَاؤُهُمْ دَخَلُوا بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ الْمُفْرَدَةِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي الْجَعَالَةِ الْجَامِعَةِ وَاحِدٌ فَدَخَلُوا فِيهِ تَبَعًا، وَفِي الْمُفْرَدَةِ عُقُودٌ فَلَمْ يَكُونُوا فِيهِ تَبَعًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَالُ هَذِهِ الْجَعَالَةِ مُعَيَّنًا فَيَقُولُ: قَدْ حَصَلَتْ لِجَمِيعِ مَنْ غَزَا مَعِي هَذَا الْمَالُ الْحَاضِرُ فَيَصِحُّ هَذَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ مَعْلُومًا، أَوْ مَجْهُولًا، لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ بِالْمَعْلُومِ لِعَدَدٍ مَجْهُولٍ صَحَّ بِالْمَجْهُولِ. وَيَكُونُ الدَّاخِلُ فِي هَذِهِ الْجَعَالَةِ مُعْتَبَرًا بِحُكْمِ الْمَالِ، وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ فَيَخْرُجُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ هَذِهِ الْجَعَالَةِ، لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي مَالِ الصَّدَقَاتِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا الْمُتَطَوِّعَةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ دُونَ مُرْتَزِقَةِ أَهْلِ الْفَيْءِ، وَلَا يجوز أن يسترجع منهم إن لم يغزو لِأَنَّهُمْ أَخَذُوا مَا يَسْتَحِقُّونَهُ بِغَيْرِ جَعَالَةٍ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ وَهُوَ سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُعَدُّ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ، فَيَدْخُلُ فِيهَا مُتَطَوِّعَةُ المسلمين وأهل الذمة من المشركين؛ لأنه ما ل يصح مصرفه إلى الفريقين فإن لم يغزو اسْتُرْجِعَ مَا أَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ وَلَمْ يُسْتَرْجَعْ مَا أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُرْصَدٌ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْمُشْرِكِينَ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ فَفِي هَذِهِ الْجَعَالَةِ الْمَعْقُودَةِ بِهِ قَوْلَانِ مِنِ اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ فِي وجوب مصرفه:

<<  <  ج: ص:  >  >>