للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب من يعتق بالملك وفيه ذكر عتق السائبة ولا ولاء إلا لمعتق]

[مسألة]

: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (مَنْ مَلَكَ أَحَدًا مِنْ آَبَائِهِ أَوْ أُمَّهَاتِهِ أَوْ أَجْدَادِهِ أَوْ جداته أو ولده بَنِيْهِ أَوْ بَنَاتِهِ عَتَقَ بَعْدَ مِلْكِهِ بَعُدَ مِنْهُ الْوَلَدُ أَوْ قَرُبَ الْمَوْلُودُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ سِوَى مَنْ سَمَّيْتُ بِحَالٍ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ وَقَالَ دَاوُدٌ: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِالْمِلْكِ، وَيُقَرُّ مِلْكُهُ عَلَى جَمِيعِهِمْ إِلَّا الْوَالِدُ يُؤْخَذُ بِعِتْقِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ احْتِجَاجًا بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا يُجْزِئُ وَلَد وَالِدَهُ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهِ فَيُعْتِقَهُ " فَخُصَّ الْوَالِدُ مِنْ بَيْنِهِمْ بِوُجُوبِ ابْتِيَاعِهِ، وَاسْتِئْنَافِ عِتْقِهِ بَعْدَ مِلْكِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ أَحَدٌ.

وِدَلِيلُنَا عَلَيْهِ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: ٢٦] .

فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا كَانُوا عِبَادًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونُوا أَوْلَادًا، فَانْتَفَى بِذَلِكَ اسْتِقْرَارُ مِلْكٍ عَلَى وَلَدٍ.

وَرَوَى قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ عَتَقَ عَلَيْهِ) وَهَذَا نَصٌّ يُوجِبُ الْعِتْقَ، وَيَمْنَعُ مِنْ ثُبُوتِ الْمِلْكِ، وَلِأَنَّ بَيْنَ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ بَعْضِيَّةٌ، فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْلِكَ نَفْسَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْلِكَ بَعْضَهُ، لِأَنَّ الْبَعْضَ تَابِعٌ لِلْكُلِّ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْخَبَرِ فَهُوَ بِأَنْ يَكُونُ دَلِيلًا لَنَا أَشْبَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا عَلَيْنَا، لِأَنَّ قَوْلَهُ: (فَيَشْتَرِيَهِ فَيُعْتِقَهُ) أَيْ فَيَعْتِقَ عَلَيْهِ، فَعَبَّرَ عَنِ الْعِتْقِ بِالْإِعْتَاقِ، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (يا

<<  <  ج: ص:  >  >>