للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِعْفَافِ لِلِافْتِرَاقِ بَيْنَهُمَا فِي الْقِصَاصِ، فَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَبِ، وَالْأُمِّ فِي الْإِعْفَافِ هُوَ أَنَّ إعفاف الأب إلزام فَوَجَبَ عَلَى الِابْنِ وَإِعْفَافَ الْأُمِّ اكْتِسَابٌ فَلَمْ يجب على الابن.

[فصل]

فإذا تقرر وجوب الْأَبِ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ فَالْكَلَامُ فِيهِ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ:

أَحَدُهَا: فِيمَنْ يَجِبُ إِعْفَافُهُ مِنَ الْآبَاءِ.

وَالثَّانِي: فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعْفَافُ مِنَ الْأَبْنَاءِ.

وَالثَّالِثُ: فِيمَا يَكُونُ بِهِ الْإِعْفَافُ

القول فيمن يجب إعفافه من الآباء

فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَنْ يَجِبُ إِعْفَافُهُ مِنَ الآباء فهو كل والد فيه بعضيه وإن علا وسواء كَانَ ذَا عَصَبَةٍ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ كَأَبِي الْأَبِ أَوْ كَانَ ذَا رَحِمٍ كَأَبِي الْأُمِّ وَهُمَا فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالْإِعْفَافِ سَوَاءٌ، وَهَكَذَا أبو الأب وأبو الْأُمِّ، وَهَكَذَا أَبُو أُمِّ الْأَبِ وَأَبُو أُمِّ الأم هما سواء في الزوج وَسَوَاءٌ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالْإِعْفَافِ وَهَكَذَا لَوِ اخْتَلَفَ دَرْجُهُمَا فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَبَا أَبٍ، وَالْآخَرُ أَبَا أُمٍّ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا وَإِعْفَافُهَا إِذَا أَمْكَنَ تَحَمُّلُ الْوَلَدِ لَهُمَا.

فَأَمَّا إِذَا اجْتَمَعَ أَبَوَانِ وَضَاقَتْ حَالُ الِابْنِ عَنْ نَفَقَتِهِمَا وَإِعْفَافِهِمَا وَأَمْكَنَهُ الْقِيَامُ بِأَحَدِهِمَا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الدَّرَجِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَتَفَاضَلَا.

فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي الدَّرَجِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يكون أحدهما عصبة والآخر ذا رحم كأبي أب الأب وأبو أم الأم فالعصبة مِنْهُمَا أَحَقُّ بِتَحَمُّلِ نَفَقَتِهِ وَإِعْفَافِهِ مِنْ ذِي الرَّحِمِ لِقُوَّةِ سَبَبِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا ذَا رَحِمٍ كَأَبِي أُمِّ الْأَبِ وَأَبِي أب الْأُمِّ فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الدَّرَجَةِ وَالرَّحِمِ وَلَيْسَ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَوِيَ أَبَوَانِ فِي الدَّرَجَةِ وَالتَّعْصِيبِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الدَّرَجَةِ وَالرَّحِمِ، وإذا كان كذلك وجب أن يسوي بينهما لاستوائهما في كَيْفِيَّةِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا إِذَا أَعْجَزَهُ الْقِيَامُ بِهِمَا وجهان:

أحدهما: يتفق عَلَى أَحَدِهِمَا يَوْمًا وَعَلَى الْآخَرِ يَوْمًا لِتَكْمُلَ نَفَقَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي يَوْمِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ عِنْدِي أَصَحُّ يُنْفِقُ عَلَى كُلِّ واحد منهما في كل يوم نصف نفقته لِتَكُونَ النَّفَقَةُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بَيْنَهُمَا، فَأَمَّا الْإِعْفَافُ فَلَا يَجِيءُ فِيهِ هَذَانِ الْوَجْهَانِ؛ لِأَنَّ المهاياة بينهما عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يُمْكِنُ، وَالْقِسْمَةَ بَيْنَهُمَا فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يُمْكِنُ وَإِذَا لم يمكنا وجب مع استواء سيدهما أَنْ يَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فِيهِ فَأَيُّهُمَا قُرِعَ كَانَ أَحَقَّ بِالْإِعْفَافِ مِنَ الْآخَرِ، وَأَمَّا إِنْ تَفَاضَلَا فِي الدَّرَجِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>