للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَبْلَغُ فِي صَلَاحِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ. فَأَمَّا ارْتِفَاعُ الْقَلَمِ عَنْهُ فَهُوَ مَرْفُوعٌ حَتْمًا عَلَيْهِ، لِسُقُوطِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ وَهُوَ غَيْرُ مَرْفُوعٍ فِيمَا لَهُ، لِأَنَّهُ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ فَهُوَ مُثَابٌ فِيمَا لَهُ، وَغَيْرُ مُعَاقَبٍ فِيمَا عَلَيْهِ، وَإِمْضَاءُ تَدْبِيرِهِ وَوَصِيَّتِهِ مِنْ حُقُوقِهِ الَّتِي يُثَابُ عَلَيْهَا، فَصَحَّ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ تَعْجِيلُ الْعِتْقِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْفَرْقِ.

فَأَمَّا السَّكْرَانُ فَإِنْ كَانَ سُكْرُهُ مِنْ غَيْرِ معصية لإكراهه على الشر ب أَوْ لِشُرْبِهِ مَا ظَنَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْكِرٍ فَكَانَ مُسْكِرًا فَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ وَلَا وَصِيَّتُهُ، لِأَنَّهُ بِالسُّكْرِ غَيْرُ مُمَيِّزٍ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ سُكْرُهُ عَنْ مَعْصِيَةٍ لِإِقْدَامِهِ مُخْتَارًا عَلَى شُرْبِ الْمُسْكِرِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ مُسْكِرٌ فَأَحْكَامُهُ كَأَحْكَامِ الصَّاحِي فِي نُفُوذِ عِتْقِهِ، وَصِحَّةِ تَدْبِيرِهِ، وَوُقُوعِ طَلَاقِهِ، وَإِنْ صَحَّ تَخْرِيجُ الْمُزَنِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ أَنَّ طَلَاقَهُ لَا يَقَعُ وَلَمْ يَصِحَّ تَدْبِيرُهُ وَلَمْ تَنْعَقِدْ وَصِيَّتُهُ وَإِنْ صَحَّ قَوْلُ مَنْ فَرَّقَ مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَ ماله وَعَلَيْهِ وَقَعَ طَلَاقُهُ، وَلَمْ يَصِحَّ عِتْقُهُ وَلَا تدبيره.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلِوَلِيِّهِ بَيْعُ عَبْدِهِ عَلَى النَّظَرِ وَكَذَلِكَ الْمَحْجُورُ عليه (قال المزني) القياس عندي في الصبي أن القلم لما رفع عنه ولم تجز هبته ولا عتقه في حياته أن وصيته لا تجوز بعد وفاته وليس كذلك البالغ المحجور عليه لأنه مكلف ويؤجر على الطاعة ويأثم على المعصية) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا صَحَّ مِنَ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ التَّدْبِيرُ صَحَّ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ فِي التَّدْبِيرِ، وَيَكُونَانِ فِيهِ كَالْبَالِغِ الرَّشِيدِ وَسَوَاءٌ كَانَ رُجُوعُهُمَا فِيهِ لِحَاجَةٍ، أَوْ غَيْرِ حَاجَّةٍ، فَإِذَا صَحَّ الرُّجُوعُ مِنْهُمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُبَاشِرَ الرُّجُوعَ فِيهِ كَالْبَيْعِ، لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ مِنْهُمَا لَا يَصِحُّ وَلَكِنْ يَأْذَنَانِ لِوَلِيِّهِمَا أَنْ يَبِيعَ الْمُدَبَّر فِي حَقِّهِمَا، فَيَكُونُ بَيْعُ الْوَلِيِّ عَنْ إِذْنِهِمَا رُجُوعًا مِنْهُمَا.

فَأَمَّا إِنْ رَجَعَا فِيهِ بِالْقَوْلِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِمَا فَفِيهِ قَوْلَانِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي صِحَّةِ الرُّجُوعِ بِالْقَوْلِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الْمِلْكِ.

فَأَمَّا إِذَا أَرَادَ الْوَلِيُّ أَنْ يَرْجِعَ فِي تَدْبِيرِهِمَا فَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِيهِ بِالْقَوْلِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِمَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِمَا فِي التَّدْبِيرِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُبْطِلَهُ الْوَلِيُّ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَهُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الرُّجُوعَ فِي التَّدْبِيرِ، وَلَمْ يَقْصِدِ الْمُصْلِحَةَ لَهُمَا، لَمْ يَجُزْ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِمَا فِيهِ وَإِنْ بَاعَهُ عَلَيْهِمَا فِي مَصْلَحَتِهِمَا صَحَّ، وَإِنْ أَفْضَى إِلَى إِبْطَالِ تَدْبِيرِهِمَا، لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إِلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِمَا.

فَصْلٌ

قَدْ ذَكَرْنَا أَنْ وَلَدَ الْمُدَبَّرةِ وَوَلَدَ الْمُعْتَقَةِ بِصِفَةٍ هَلْ يَكُونُ تَابِعًا لَهُمَا أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>