للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ أَنَّ الْقَبْضَ لَمْ يَحْصُلْ فَلَا قَبْضَ وَالرَّهْنُ غَيْرُ لَازِمٍ وَالرَّاهِنُ فِيمَا بَعْدُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَقْبَضَ الرَّهْنَ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَ.

وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُرْتَهِنُ فِي رُجُوعِهِ وَادَّعَى حُصُولَ الْقَبْضِ الَّذِي حَصَلَ بِإِقْرَارِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي حُصُولِ الْقَبْضِ، وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُ الرَّاهِنِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْإِقْرَارِ، لِأَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ.

فَإِنْ سَأَلَ الرَّاهِنُ يَمِينَ الْمُرْتَهِنِ بِاللَّهِ أَنَّهُ قَبَضَ الرَّهْنَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ الَّذِي أَقَرَّ بِقَبْضِهِ غَائِبًا عَنْهُمَا. فَلَا بُدَّ مِنْ إِحْلَافِ الْمُرْتَهِنِ بِاللَّهِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ قَبَضَ الرَّهْنَ. لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ غَائِبًا فَإِقْرَارُ الرَّاهِنِ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْغَالِبِ عَلَى قَوْلِ وَكِيلِهِ أَنَّهُ سَلَّمَ الرَّهْنَ. ثُمَّ يَعْلَمُ كَذِبَ الْوَكِيلِ. وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ سَلَّمَ الرَّهْنَ فَيَكُونُ لِمَا ادَّعَاهُ ثَانِيَةً مِنْ عَدَمِ الْقَبْضِ السَّابِقِ بِإِقْرَارِهِ وَجْهٌ مُمْكِنٌ، فَلِذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ فَعَلَى هَذَا إِنْ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ حُكِمَ لَهُ بِالْقَبْضِ وَتَمَامِ الرَّهْنِ، وَإِنْ نَكَلَ، رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الرَّاهِنِ. فَإِنْ حَلَفَ حُكِمَ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَمِ الْقَبْضِ، وَكَانَ الرَّهْنُ غَيْرَ تَامٍّ، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ إِنْ شَاءَهُ وَإِنْ نَكَلَ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ، وَحُكِمَ بِتَمَامِ الرهن.

والثاني: أن يكون الرهن المقر بقبضه حاضرا قبل حلف المتهم؟ عَلَى وَجْهَيْنِ

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ وأبي علي بن خيران: أن يَجِبُ إِحْلَافُ الْمُرْتَهِنِ، لِأَنَّ إِقْرَارَ الرَّاهِنِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْحَاضِرِ عَنْ قَوْلِ وَكِيلِهِ، كَمَا يَحْتَمِلُ فِي الْغَائِبِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَ حكم اليمين منهما.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ: لَا يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ وَإِنْ حَلَفَ فِي الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ أَمْرِ الْحَاضِرِ أَنَّهُ تَوَلَّى تَسْلِيمَهُ بِنَفْسِهِ، فَلَمْ يَجِبْ بِرُجُوعِهِ يَمِينٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ مَعَ تَقَدُّمِ إِقْرَارِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْغَائِبُ. وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِمَالٍ، أَوْ قَبْضِ ثَمَنٍ فِي مَبِيعٍ، ثُمَّ عَادَ الْمُقِرُّ فَقَالَ: كَانَ إِقْرَارِي بِالْمَالِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ، وَإِقْرَارِي بِقَبْضِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَسَأَلَ يَمِينَ الْمُقَرِّ لَهُ كَانَ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فِي إِحْلَافِ الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ الْحَاضِرِ.

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَحْلِفَ الْمُقَرُّ لَهُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ.

وَالثَّانِي: لَا يَحْلِفُ وهو قول أبي إسحاق.

(فَصْلٌ)

إِذَا أَنْكَرَ الرَّاهِنُ تَسْلِيمَ الرَّهْنِ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إِقْرَارِهِ بِتَسْلِيمِ الرَّهْنِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالتَّسْلِيمِ وَتَمَّ الرَّهْنُ. فَإِنْ سَأَلَ إِحْلَافَ الْمُرْتَهِنِ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ إِحْلَافُهُ سَوَاءٌ كَانَ الرَّهْنُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>