وَالْخَامِسُ: الْفَسْخُ بِالْعُيُوبِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ رَفْعًا لِلْعَقْدِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فَلَا مُتْعَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَسْقَطَ الْمَهْرَ كَانَ بِإِسْقَاطِهِ الْمُتْعَةَ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَطْعًا لِلْعَقْدِ بِحُدُوثِهِ بَعْدَهُ فَهُوَ وُجُوبُ الْمُتْعَةِ كَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْقُطْ بِهِ الْمَهْرُ لَمْ تَسْقُطْ بِهِ الْمُتْعَةُ.
[فصل: القسم الثالث]
وأما القسم الثالث: أن تكون الفرقة من جهتها دون فَلَا مُتْعَةَ فِيهَا، وَإِنْ تَنَوَّعَتْ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فَسْخُهَا مُسْقِطًا لِصَدَاقِهَا فَأَوْلَى أَنْ يُسْقِطَ مُتْعَتَهَا، وَهَذِهِ الْفُرْقَةُ قَدْ تَكُونُ مِنْ سِتَّةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: بِرِدَّتِهَا.
وَالثَّانِي: بِإِسْلَامِهَا.
وَالثَّالِثُ: بِأَنْ تجد فيها عَيْبًا فَتَفْسَخُ نِكَاحَهُ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ تَعْتِقَ وَزَوْجُهَا عَبْدٌ فَتَخْتَارُ فَسْخَ نِكَاحِهِ.
وَالْخَامِسُ: بِأَنْ يَعْسُرَ الزَّوْجُ بِنَفَقَتِهَا فَتَخْتَارُ فَسْخَ نِكَاحِهِ.
وَالسَّادِسُ: بِأَنْ تَظْهَرَ فِيهِ عُنَّةٌ فَيُؤَجَّلَ لَهَا ثُمَّ تَخْتَارُ فَسْخَ نِكَاحِهِ بِهَا إِلَّا أَنَّ الْمُزَنِيَّ حَكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا امْرَأَةٌ الْعِنِّينِ فَلَوْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ وَلَهَا عِنْدِي مُتْعَةٌ قَالَ الْمُزَنِيُّ: وَهَذَا عِنْدِي غَلَطٌ عَلَيْهِ، وَقِيَاسُ قَوْلِهِ لَا حَقَّ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِهَا دُونَهُ.
وَهَذَا وَهْمٌ مِنَ الْمُزَنِيِّ فِي النَّقْلِ وَاسْتِدْرَاكٌ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِ " الْأُمِّ " وَأَمَّا امْرَأَةٌ الْعِنِّينِ فَلَوْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ فَلَيْسَ لَهَا عِنْدِي مُتْعَةٌ فَسَهَا الْكَاتِبُ فِي نَقْلِهِ فَأَسْقَطَ قَوْلَهُ: " فَلَيْسَ " وَنَقَلَ مَا بَعْدَهُ فَقَالَ: فَلَهَا عِنْدِي مُتْعَةٌ وَتَعْلِيلُ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى السَّهْوِ فِي النَّقْلِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: فَلَوْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهَا، وَالْفُرْقَةُ إِذَا كَانَتْ مِنْهَا أسقطت متعتها.
فَصْلٌ: الْقِسْمُ الرَّابِعُ
وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أن تكون الفرقة من جهتها فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَغْلِبَ فِيهِ جِهَةُ الزَّوْجِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَغْلِبَ فِيهِ جِهَةُ الزوجة.
فأما ما يغلب فيه جهة الزوجة فَشَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: الْخُلْعُ، لِأَنَّهُ تَمَّ بِهِمَا إِلَّا أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهِ وَقَعَتْ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَصِلُ إِلَى الْخُلْعِ عَنْهَا مَعَ غَيْرِهَا.