للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: يُلْحَقُ بِهِ إِلَّا أَنْ تُلْحِقَهُ الْقَافَةُ بِغَيْرِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ فِي الدَّعْوَى بِغَيْرِهِ لَا يُلْحَقُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ تُلْحِقَهُ الْقَافَةُ، أَوْ يَعْتَرِفَ لَهُ الْبَاقِي بِنَسَبِهِ، أَوْ يَبْلُغَ حَدَّ الِانْتِسَابِ فَيَنْتَسِبَ إِلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ مَعَ بَقَاءِ الِانْتِسَابِ، فَقَبْلَ الِانْتِسَابِ وَقَفَ مِنْ مَالِهِ مِيرَاثًا حَتَّى يَصْطَلِحَ الْمُدَّعُونَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُدَّعُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ يوقف من قال كل واحد منهم ميراث أب، كما يوقف من ماله إذا مات ميراث أب. حتى ينتسب بعد بلوغه حَدَّ الِانْتِسَابِ، فَيَسْتَحِقَّ مِيرَاثَ مَنِ انْتَسَبَ إِلَيْهِ وَيَرُدُّ مَا وُقِفَ مِنَ الْبَاقِينَ عَلَى وَرَثَتِهِمْ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُوقَفُ لَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْءٌ، وَيُدْفَعُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ إِلَى وَرَثَتِهِ والله أعلم.

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوِ ادَّعَى حُرٌّ وَعَبْدٌ مُسْلِمَانِ وَذِمِّيٌّ مَوْلُودًا وُجِدَ لَقِيطًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَالتَّدَاعِي فِيمَا سِوَاهُ فَيَرَاهُ الْقَافَةُ فَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِوَاحِدٍ فَهُوَ ابْنُهُ وَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِأَكْثَرَ لَمْ يَكُنِ ابْنَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَبْلُغُ فَيَنْتَسِبُ إِلَى أَيِّهِمْ شَاءَ فَيَكُونُ ابْنُهُ وَتَنْقَطِعَ عَنْهُ دَعْوَى غَيْرِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ يَسْتَوِي إِذَا ادعى الولد، الحر وَالْعَبْدُ وَالْمُسْلِمُ، وَالْكَافِرُ لَقِيطًا أَوْ مِنْ فِرَاشٍ مُشْتَرَكٍ، وَلَيْسَ بِمُشْتَرَكٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِذَا تَنَازَعَ حُرٌّ وَعَبْدٌ أَلْحَقْتُهُ بِالْحُرِّ دُونَ الْعَبْدِ. وَإِنْ تَنَازَعَ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ، أَلْحَقْتُهُ بِالْمُسْلِمِ دُونَ الْكَافِرِ، وَلَوْ تَنَازَعَ حُرٌّ كَافِرٌ وَعَبْدٌ مُسْلِمٌ، أَلْحَقْتُهُ بِالْحُرِّ الْكَافِرِ، دُونَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، لِيَكُونَ الْوَلَدُ مُلْحَقًا بِأَكْمَلِهِمَا حُكْمًا.

اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ الْحُرِّيَّةُ، وَالْإِسْلَامُ، فَصَارَتْ كَالْيَدِ لِمَنْ وَاقَعَهَا، فَتَرْجَحُ بِهَا.

وَلِأَنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَا حَضَانَتَهُ كَانَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ أَحَقُّ بِهَا مِنَ الْعَبْدِ الْكَافِرِ، كَذَلِكَ حُكْمُ النَّسَبِ وَدَلِيلُنَا هُوَ أَنَّهُمَا قَدِ اشْتَرَكَا فِي سَبَبِ الدَّعْوَى، فَوَجَبَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي حُكْمِهِمَا، كالمسلمين الحرين.

ولأنه لو انفرد بالدعوى عبدا أَوْ كَافِر كَانَ فِيهَا كَالْمُسْلِمِ، وَلَا يُدْفَعُ عَنْهَا بِحُكْمِ الدَّارِ، كَذَلِكَ إِذَا اجْتَمَعَ مَعَ الْحُرِّ، أَوِ الْمُسْلِمِ، كَالْمَالِ، وَفِيهِ انْفِصَالٌ.

فَأَمَّا الْحَضَانَةُ فَفِيهَا وِلَايَةٌ، لَوْ تَفَرَّدَ بِهَا كَافِرٌ وَعَبْدٌ لَمْ يَسْتَحِقَّهَا وَلَيْسَ كَالنَّسَبِ الَّذِى يَلْحَقُ بالعبد، والكافر.

<<  <  ج: ص:  >  >>