للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: عَلَيْهَا أَنْ تَتَوَجَّهَ إِلَى الْبَلَدِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَتَعْتَدَّ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا فَارَقَتِ الْأَوَّلَ صَارَ الثَّانِي هُوَ الْوَطَنَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا بِالْخِيَارِ فِي التَّوَجُّهِ وَالْعَوْدِ لِخُرُوجِهَا عَنْهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي تَنْتَقِلُ إِلَيْهِ أَقْرَبَ فَعَلَيْهَا التَّوَجُّهُ إِلَيْهِ لِتَعْتَدَّ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي فَارَقَتْهُ أَقْرَبَ كَانَتْ مُخَيَّرَةً بَيْنَ الْعَوْدِ والتوجه.

[(مسألة)]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا تُقِيمُ فِي الْمِصْرِ الَّذِي أَذِنَ لَهَا فِي السَّفَرِ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَذِنَ لَهَا فِي الْمُقَامِ فِيهِ أَوِ النُّقْلَةِ إِلَيْهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهَا إِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ الْمِصْرَ فَإِنْ كَانَ أَخْرَجَهَا مُسَافِرَةً أَقَامَتْ مَا يُقِيمُ الْمُسَافِرُ ثَمَّ رَجَعَتْ وَأَكْمَلَتْ عِدَّتَهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا وَصَلَتْ إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي أَذِنَ لَهَا بِالسَّفَرِ إِلَيْهِ، وَقَدْ عَرَفَتْ مَوْتَهُ، أَوْ طَلَاقَهُ فِي طَرِيقِهَا فَاخْتَارَتِ التَّوَجُّهَ إِلَى الْبَلَدِ، أَوْ عَرَفَتْهُ بَعْدَ وُصُولِهَا إِلَى الْبَلَدِ فَالْحُكْمُ بَعْدَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ سَوَاءٌ، وَلَا يَخْلُو حَال إِذْنِهِ لَهَا فِي السَّفَرِ مِنْ خَمْسَةِ أقسام:

أحدهما: أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِي النُّقْلَةِ إِلَيْهِ مُسْتَوْطِنَةً لَهُ فَعَلَيْهَا أَنْ تَقْضِيَ فِيهِ عِدَّتَهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ وَطَنًا فَصَارَ كَطَلَاقِهِ لَهَا فِي بَدَنِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَأْذَنَ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ إِلَيْهِ لِحَاجَةٍ تَتَقَدَّرُ بَعْدَ دُخُولِهَا بِالْفَرَاغِ مِنْهَا إِمَّا لِحَجٍّ يُؤَدَّى أَوْ دَارٍ تُبْقَى لَهَا فَلَهَا الْمُقَامُ حَتَّى تُؤَدِّيَ حَجَّتَهَا وَتَبْنِيَ دَارَهَا، وَتَسْتَكْمِلَ ثُمَّ لَهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فَرَاغُهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَهَا أَنْ تَضَعَ بِنَفْسِهَا مَا شَاءَتْ مِنْ مُقَامٍ أَوْ عَوْدٍ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ بَاقِيَةً فِي عِدَّتِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ حَاجَتِهَا، وَيُمْكِنُ إِذَا عَادَتْ إِلَى بَلَدِهَا أَنْ تَقْضِيَ فِيهِ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا فَعَلَيْهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ أَنْ تَعُودَ إِلَى بَلَدِهَا فَتَقْضِيَ فِيهِ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تَكُونَ بَاقِيَةً فِي عِدَّتِهَا، وَإِنْ عَادَتْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الْعِدَّةِ مَا تقضيه في بلدها، ففي وجوب العدة وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجِبُ عَلَيْهَا الْعَوْدُ لِيَكُونَ قَضَاءَ عِدَّتِهَا. فِيمَا قَرُبَ مِنَ الْبَلَدِ إِذَا تَعَذَّرَ أَنْ يَكُونَ فِي الْبَلَدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>