للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَتْ تَرْجَمَةُ الْأَعْمَى وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ جَرَتْ مَجْرَى الْخَبَرِ الذي تقبل فيه روايته.

ودليلنا أنه تثبت إِقْرَارٍ يَفْتَقِرُ إِلَى الْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَالَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَفْتَقِرَ إِلَى الْعَدَدِ كَالشَّهَادَةِ، وَلِأَنَّهُ نَقَلَ إِقْرَارًا لَوْ كَانَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَنْ تَكُونَ شَهَادَةً تَفْتَقِرُ إِلَى عَدَدٍ، فَوَجَبَ إِذَا كَانَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ تَفْتَقِرُ إِلَى عَدَدٍ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَنْكَرَ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ إخبار الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ تُقْبَلَ فِيهَا إِخْبَارُ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ فِي التَّرْجَمَةِ جَازَ أَنْ يُقْبَلَ فِيهَا خَبَرُ الْوَاحِدِ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ فِي التَّرْجَمَةِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ تَرْجَمَةِ الْأَعْمَى فَهُوَ أَنَّ التَّرْجَمَةَ تَفْتَقِرُ إِلَى السَّمَاعِ دُونَ الْبَصَرِ وَشَهَادَةُ الْأَعْمَى مَقْبُولَةٌ فِيمَا تَعَلَّقَ بِالسَّمَاعِ وَإِنْ رُدَّتْ فِيمَا تَعَلَّقَ بِالْبَصَرِ.

[(فصل: ترجمة الوالد والولد والمرأة) .]

فَإِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ التَّرْجَمَةَ شَهَادَةٌ وَلَيْسَتْ بِخَبَرٍ فَلَا تُقْبَلُ فِيهَا تَرْجَمَةُ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا.

فَأَمَّا تَرْجَمَةُ الْمَرْأَةِ فَإِنْ كَانَتْ فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ كَالْإِقْرَارِ بِالْأَمْوَالِ سُمِعَتْ تَرْجَمَةُ الْمَرْأَةِ وَحُكِمَ فِيهَا بِتَرْجَمَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَالشَّهَادَةِ.

وَإِنْ كَانَتْ فِيمَا لَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ كَالْإِقْرَارِ بِالْحُدُودِ وَالْمَنَاكِحِ، لَمْ تُسْمَعْ فِيهِ تَرْجَمَةُ الْمَرْأَةِ، وَنُظِرَ: فَإِنْ كَانَتْ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ كَغَيْرِ الزِّنَا حَكَمْنَا فِيهِ بِتَرْجَمَةِ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ.

وَإِنْ كَانَتْ بِالزِّنَا فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا عَلَى قَوْلَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ بِخِلَافِ فِعْلِ الزِّنَا فَعَلَى هَذَا يَحْكُمُ فِيهِ بِتَرْجَمَةِ شَاهِدَيْنِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ كَالزِّنَا فَعَلَى هَذَا لَا يَحْكُمُ فِيهِ إِلَّا بِتَرْجَمَةِ أَرْبَعَةٍ.

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا لَمْ يَخْلُ حَالُ الْخَصْمَيْنِ مِنْ أَنْ يَكُونَا أَعْجَمِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا.

فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْجَمِيًّا شَهِدَ الْمُتَرْجِمَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَا قَالَهُ الْأَعْجَمِيُّ مِنْ دَعْوَى أَوْ جَوَابٍ وَأَدَّيَاهُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ دُونَ الْخَبَرِ.

وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّهُمَا يَذْكُرَانِهِ بِلَفْظِ الْخَبَرِ دُونَ الشَّهَادَةِ.

وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا افْتَقَرَ إِلَى عَدَدِ الشَّهَادَةِ وَجَبَ أَنْ يَفْتَقِرَ إِلَى لفظهما ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>