للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا قَالَ لِهَذِهِ الَّتِي قَدْ تَكَامَلَ فِيهَا شُرُوطُ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ لَمْ يخل حالها من ثلاثة أقسام:

أحدهما: أَنْ تَكُونَ فِي طُهْرٍ لَمْ تُجَامَعْ فِيهِ، فَيَقَعُ طَلَاقُهَا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ لِلسُّنَّةِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ حَائِضًا فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهَا فِي حَالِ الْحَيْضِ فَإِذَا انْقَضَى بَقِيَّةُ حَيْضِهَا طُلِّقَتْ بِدُخُولِهَا فِي أَوَّلِ الطُّهْرِ قَبْلَ الغسل، سوء انْقَطَعَ الْحَيْضُ لِأَقَلِّهِ أَوْ لِأَكْثَرِهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنِ انْقَطَعَ حَيْضُهَا لِأَكْثَرِهِ طُلِّقَتْ قَبْلَ الْغُسْلِ، وَإِنِ انْقَطَعَ حَيْضُهَا لِأَقَلِّهِ لَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا بَعْدَ الْغُسْلِ، وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ مَا وَقَعَ فِيهِ طَلَاقُ السُّنَّةِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَقَعَ فِيهِ طَلَاقُ السُّنَّةِ قَبْلَ الْغُسْلِ قِيَاسًا عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ نُفَسَاءَ لَمْ تُطَلَّقْ فِي نِفَاسِهَا، لِأَنَّ النِّفَاسَ فِي حُكْمِ الْحَيْضِ.

فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْهُ طُلِّقَتْ قَبْلَ الْغُسْلِ مِثْلَ الْحَيْضِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ فِي طُهْرٍ قَدْ جَامَعَهَا فِيهِ فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهَا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الطَّلَاقِ، فَإِذَا انْقَضَى بَقِيَّةُ طُهْرِهَا الَّذِي جَامَعَهَا فِيهِ وَحَاضَتْ بَعْدَهُ حَيْضَةً كَامِلَةً وَدَخَلَتْ فِي أَوَّلِ الطُّهْرِ الثَّانِي طُلِّقَتْ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ طَلَاقُ السُّنَّةِ إِلَّا أَنْ يُجَامِعَهَا فِي آخِرِ الْحَيْضِ وَأَوَّلِ الطُّهْرِ فَلَا تُطَلَّقُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بَدَأَهَا وَهِيَ مُجَامَعَةٌ وَصَارَ طُهْرًا جَامَعَهَا فِيهِ لَا يَقَعُ فِيهِ طَلَاقُ السُّنَّةِ، وَهَكَذَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ أَوَّلِ كُلِّ طُهْرٍ لَمْ تُطَلَّقْ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ لَمْ يَخْلُ حَالُهَا مِنَ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ حَائِضًا فَتُطَلَّقَ فِي الْحَالِ، لِأَنَّ الْحَيْضَ زَمَانُ الْبِدْعَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ نُفَسَاءَ طُلِّقَتْ؛ لِأَنَّ النِّفَاسَ كَالْحَيْضِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ فَتُطَلَّقَ، لِأَنَّ طُهْرَ الْمُجَامَعَةِ زَمَانُ الْبِدْعَةِ وَسَوَاءٌ أَنْزَلَ مِنْ جِمَاعِهِ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ إِذَا الْتَقَى خِتَانَاهُمَا؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ يَسْتَقِرُّ بِهِ الدُّخُولُ وَيَكْمُلُ بِهِ الْمَهْرُ وَتَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ فَلَا طَلَاقَ حَتَّى تَحِيضَ فَتُطَلَّقَ، لِأَنَّ الْحَيْضَ زَمَانُ الْبِدْعَةِ، أَوْ يُجَامِعُهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ فَتُطَلَّقُ؛ لِأَنَّ طُهْرَ الْمُجَامَعَةِ زَمَانٌ لِطَلَاقِ الْبِدْعَةِ ثُمَّ يُعْتَبَرُ حَالُ جِمَاعِهِ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ حِينَ أَوْلَجَ ذَكَرَهُ نَزَعَ وَأَقْلَعَ فَقَدْ طُلِّقَتْ بِالْإِيلَاجِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ مَهْرًا بِالْإِخْرَاجِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>