للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ:

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ، فَالْفُرْسَانُ هُمْ أَصْحَابُ الْخَيْلِ دُونَ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْمَطَايَا وَالْفِيَلَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: ٦٠] ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي " وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الخيل مقعود بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ " وَلِأَنَّهَا هِيَ الْمُخْتَصَّةُ بِالْكَرِّ وَالْفَرِّ دُونَ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْخَيْلُ كُلُّهَا سَوَاءٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَتِيقِهَا وبَرَاذِينِهَا ومقارفها وهجنها؛ والعتيق: ما كان أبواه عربين.

وَالْبِرْذَوْنُ: مَا كَانَ أَبَوَاهُ أَعْجَمِيَّيْنِ.

وَالْمُقْرِفُ: مَا كَانَتْ أُمُّهُ عَرَبِيَّةً وَأَبُوهُ أَعْجَمِيُّ.

وَالْهَجِينُ: مَا كَانَ أَبُوهُ عَرَبِيًّا وَأُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً وَبِهَذَا قَالَ أبو حنيفة وَمَالِكٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ كَانَ الْفَرَسُ عَتِيقًا أُسْهِمَ لَهُ سَهْمَانِ وَإِنْ كَانَ بِرْذَوْنًا لَمْ يُسْهَمْ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مُقْرِفًا أو هجينا أسهم له بسهم وَاحِدٌ.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُسْهَمُ لِلْعَتِيقِ سَهْمَانِ وَلِغَيْرِهِ مِنَ الْخَيْلِ سَهْمٌ وَاحِدٌ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ الْمُخْتَصَّةَ بِالْكَرِّ وَالْفَرِّ هِيَ الْعُتْقُ فَاخْتَصَّتْ بِالسَّهْمِ الْأَوْفَى وَكَانَ مَا سِوَاهُمَا بِالنَّقْصِ أَوْلَى وَهَذَا خَطَأٌ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: ٦٠] وَلِأَنَّ الْعَتِيقَ وَإِنْ كَانَ أَحَدَّ وَأَسْرَعَ فَالْبِرْذَوْنُ أَشَدُّ وَأَبْهَى وَأَصْبَرُ فَصَارَ اخْتِصَاصُ الْعَتِيقِ بِالْحِدَّةِ فِي مُقَابَلَةِ اخْتِصَاصِ الْبِرْذَوْنِ بِالشِّدَّةِ فَتَقَابَلَا وَاسْتَوَيَا، وَلِأَنَّ أَصْحَابَ الْخَيْلِ لَمَّا اسْتَوَى عَرَبِيُّهُمْ وعَجَمِيُّهُمْ فِي السُّهُمِ فَالْخَيْلُ أَوْلَى بِأَنْ يَسْتَوِيَ عَرَبِيُّهَا وَعَجَمِيُّهَا فِي السُّهُمِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ دَلِيلٌ وانفصال والله أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَمَنْ حَضَرَ بِفَرَسَيْنِ فَأَكْثَرَ لَمْ يُعْطَ إِلَّا لواحد لأنه لا يلقى إلا بواحد ولو أسهم لاثنين لأسهم لأكثر ولا يسهم لراكب دابة غير دابة الخيل ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

إِذَا حَضَرَ الْفَارِسُ الْوَقْعَةَ بِأَفْرَاسٍ لَمْ يُعْطَ إِلَّا سَهْمَ فَرَسٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ حَضَرَهَا بِمِائَةِ فَرَسٍ، وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة وَمَالِكٌ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: يُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ، وَلَا يُسْهَمُ لِأَكْثَرَ اسْتِدْلَالًا بِمَا رَوَى مَكْحُولٌ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ حَضَرَ خَيْبَرَ بِفَرَسَيْنِ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَمْسَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لَهُ، وَأَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ لِفَرَسَيْهِ؛ ولأن الثاني عدة

<<  <  ج: ص:  >  >>